مقالات

في مهنة المتاعب (31)

محمدُّ سالم ابن جدُّ

في مراهقتي لفت انتباهي بعض المصطلحات التي تتردد في وسائل الإعلام فكنت ربما سألت صديقا يفوقني عمرا ويقاسمني الاهتمام بالشأن السياسي والإعلامي عن معنى بعضها فأجابني بما حضره. سألته يوما عن الهيمنة والقومية، ففسر لي الهيمنة بأنها سعي غيرك إلى الاعتداء عليك، والقومية بأنها تصديك له ومقاومته. وسألته مرة عن فضيحة “ووترغيت” (وكانت يومئذ ملء الآذان) فقال إنها نهب الولايات المتحدة لثروات العالم.
كان هذا حوالي 1978 ولم ألبث أن اطلعت على المعاني الصحيحة لما سألت عنه فعلمت أن المسؤول لم يكن أعلم من السائل، وإن أعجبني قوله إن الولايات المتحدة تنهب ثروات العالم.
وفي سنة 2001 اقتنيت قاموس الفكر السياسي (3 مجلدات) ومن خلال مطالعته عجبت كيف لم يصبح صاحبي سياسيا كبيرا جدا.. أو إعلاميا على الأقل! فما السياسة (والإعلام تبع لها) إلا قلب للدلالات وتلاعب بالألفاظ.
ألا يسمون استعباد الشعوب ونهب ثرواتها استعمارا وهو تخريب وعدوان في الواقع؟
ألا يسمون الربا بالفوائد؟ والمقاومة بالإرهاب؟ والعدوان بالدفاع؟ والخمر بالمشروبات الروحية؟ والفواعل بالأمهات “العازبات”؟ (حسب تعبيرهم).. إلى غير ذلك!
ألا يتناقض وصف المصدر الواحد للموصوف الواحد تبعا للمواقف والمستجدات؟
لذا لم أعجب (وأنا مراقب غير محايد) من أن يصف حزبَ الله بالمليشيا من كان بالأمس يطبل له ويزمر، أو يشارك الحوثيين تسميتَهم لأنفسهم (أنصار الله) من كان بالأمس يصفهم بالمليشيا!
إنها السياسة.. وإنه ربيبها وخدنها الإعلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى