سواء صَحَّ خَبَرُ تعاطي فتياتٍ في عمر الزهور للمخدرات، بإحدى الثانويات الخاصة في العاصمة، أو لم يصح؛ فإن من الثابت أن أخلاقَ الناشئة تنحدر انحدارا متواصلا منذ سنوات، وثقافتهم الدينية تنحسر وتضمحل باستمرار.
من المعلوم أن أفراد الأمن والمشتغلين في حقل التعليم أكثرُ الناس مخالطةً وملابسة للشباب، وشهاداتُهم في الموضوع تبعث على القلق، وتدق ناقوس الخطر، ومنذ سنوات تَعَوَّدَ هؤلاء على أُمٍّ تأتي إليهم شاكية أو مستنصحة في شأن ابنها الذي رفع في وجهها السِّكين مهدِّدا، أو أَبٍ أَعْيَتْهُ المتاعبُ التي يجلبها له ابنه كل يوم، ويجره بسببها إلى مخافر الشرطة أو حتى إلى المحاكم، وأشياء أخرى كثيرة أجد حرجا في التحديث بما اطَّلَعْتُ عليه منها أو حدّثني به الزملاء.
والواقع أن انحرافَ الناشئة وتحلُّلَها من القيم الدينية والأخلاقية ظاهرةٌ عالمية، اسْتَطَارَ شَرُّهَا، وعَمَّتْ بلواها في الشرق والغرب، لكن الغريب حقا أن الكثيرين شهدوا بنجاعة التربية الدينية – أَيّ دِينٍ كان – في دَرْءِ هذا الشّر.
لقد أَسِفْتُ حقا وأنا أرى الهجوم الظالم المتعالي الذي واجه به البعض حملة “لا للمجاهرة بالمعاصي”، وقلت في نفسي: إن مَن يفعل ذلك لم يُعَان جُنُوحَ الأولاد وانحرافَهم، ولا يلقي بالا لهناء الأسرة وسعادتها وتماسكها.
وقيم الأسرة قيم مشتركة بين جميع الأديان، وهي وحدَها التي توفر بيئة مناسبة لتربية الطفل تربية صالحة، وهي الخطوة الأساسية في المحافظة على نسيج المجتمع وتماسكه، ومن أكبر ما يهدد هذه القيم اليومَ تَحَلُّلُ الطفل في سِنٍّ مبكّرة من قيود الدين والأخلاق والتقاليد الاجتماعية.
ولهذا السبب ألحقت أُسَرٌ أوروبية كثيرة أبناءَها بـ”مدارس الخدمة التركية”، حين وقفت على تجربتها الناجحة في تحصين الأطفال من الانحراف والجنوح، ولم تَعْبَأْ بخلفيتها الإسلامية؛ إذ رأت أن حصول الطفل على القدر المشترك من قيم الثقافتين الإسلامية والمسيحية خَيْرٌ من ضياعه في متاهات الجريمة والمخدرات.
ولجماعة التبليغ جهد مشهود في هذا الميدان، خارجَ البلاد وداخلَها، وما أكثر ما تصادف مَن يُحَدَّثُكَ أنه كان قاطعَ طريقٍ أو مُرَوِّجَ مخدراتٍ ثم كُتِبت له الاستقامة على أيديهم.
وليت بعض مَن يقفون موقفا سلبيا من الدين وأهله يتحلون بالنزاهة، فلا ينكرون فضلهم في حماية المجتمع والأسرة من التردي في مهاوي الانحراف والرذيلة.