يفتتح الرئيس غزواني، صباحَ اليوم، الأيامَ التشاورية حول إصلاح التعليم، وهي مناسبة لتذكير قادةِ البلاد والقائمين على شؤونها بأهمية الاستثمار في التعليم والإنفاق عليه بسخاء، ليس لأنه طريقٌ سَالِكٌ إلى حَلِّ المشاكل التي نعاني منها فقط؛ بل لأن أَمْنَنَا القومي يقتضي ذلك بإلحاح!
لا تقوم العلاقات بين الدول على العواطف، بل تتأسس وتنبني على المصالح أولا، ثم يأتي الحديث عن الأخوة الدينية، والروابط الثقافية، والعلاقات التاريخية، تعزيزا لتلك المصالح واستبقاءً لها.
أحرقت جارتُنا الجنوبية الشقيقة، قبل فترة يسيرة، أَهَمَّ ورقة ضَغْطٍ لنا عليها، وهي ورقة المتمردين في إقليم “كازامانص”، بعد أن نجحت في هزيمتهم، وساقتهم مُجْبَرِينَ إلى طاولة المفاوضات.
ولعلها تتطلع الآن إلى وقتٍ مناسب لاستئناف العمل في تحقيق حلمها الاستراتيجي القديم (الأحواض الناضبة)، بعد أن مَهَّدَتْ – في صبر وأناة – شروطَ ذلك؛ فاستثمرت في التعليم وتطوير الكفاءات والمصادر البشرية، وعملت على ترسيخ الوحدة الوطنية والوئام الاجتماعي، وقطعت أشواطا في تعزيز الديمقراطية والتناوب السلمي على السلطة.
وليس مشروعُ “الأحواض الناضبة” وحدَه ما ستجلبه جودة التعليم، والوئام الاجتماعي، وتعزيز الديمقراطية للسنغال؛ بل ستكون – زيادة على ذلك – رقما مهما في المعادلة الأمنية والسياسية والاقتصادية في المنطقة.
لقد انتهز الإثيوبيون فرصة انشغال المصريين بثورة 25 يناير 2011، فَبَعَثُوا حلمهم القديمَ بِسَدِّ النهضة مِن مَرْقَدِهِ، وقطعوا أشواطا طويلة في بنائه قبل انقشاع غبار الثورة المصرية.
ولعل السنغاليين نهجوا هذا النهج، حين انشغلنا، طيلة عشرين سنة، بأزماتنا السياسية والاجتماعية، فضاعفوا عدد الجامعات ومراكز البحوث والمدارس والمستشفيات، وليس بِخَافٍ أن السنغال أصبحت وجهةً مفضّلة لِمُتَدَرِّبِينَا وطلابنا ومرضانا.
لا تزال الكرة في مرمانا، فَعَشْرَةُ أعوامٍ من التركيز على قضية التعليم: تَنْظِيمًا، وإدارةً، وتمويلًا، وفلسفةً، ومناهجَ، كافيةٌ لتغيير الأوضاع تغييرا شاملا، وقَلْبِ المعادلة رأسا على عقب!
ليت شعري متى يقتنع ساستُنا بأهمية الإنفاق على التعليم؟ وكيف يَضِنُّون بأمر فيه صلاحُ أمتهم ورُشْدُهَا؟!