مقالات

المدينة الخالدة والمرايا الثلاثة

بقلم: الهادي الحافظ

بينما غافل مثلي قد قصر به ضعفه عن اللحاق بركب الصالحين وخلفه ذنبه مع المخلفين يفكر في حال سعداء قد أسعدهم الله في هذه الدنيا برؤية الحبيب صلى الله عليه وسلم، وكيف نالوا ذلك الشرف العظيم؟

ثم يشفق على حاله ويتأمل الحجب التي حجبته عن أؤلئك وعن منزلتهم الرفيعة ومقامهم السامي وجنتهم السعيدة، وما السبيل إلى حالهم؟

مع شهود المنة لله واستحضار محض فضله وجميل اجتبائه على حقير مثلي، حيث إن كانت منعتني حجب الذنب عن دخول جنة أؤلئك السعداء:
رؤية الحبيب صلى الله عليه وسلم.
فقد تلافاني لله بكرمه إذ تفضل علي بكثرة ذكر الحبيب صلى الله عليه وسلم في الخاطر واللسان والقلم..

فبينما الخاطر يسبح في التفكير بين الحالتين متعلقا بالأولى وحامدا لله على الثانية، إذا ألهمت أن ذلك الخلود الذي كتبه الله لحبيبه صلى الله عليه وسلم حيث سيبقى حيا في قلوب السعداء الذين يأتون من بعده من أهل ملته يحيون به، أن ذلك الخلود قد أضفاه الله على كلما يتعلق بالحبيب صلى الله عليه وسلم..

فإن مدينته المنورة قد كتب لها خلودا مثل ذلك حيث سيبقى حال من سيأتون بعده من أمته مثل حال من كانوا معه فيها، حيث الناس من هذه الأمة على حال ساكنة المدينة حين كان هو بها صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي:
-فمنهم من يتشرف بدوام لقائه محبا ومتعلقا به صلى الله عليه وسلم وهؤلاء هم أصحاب رؤيته الشريفة.
-ومنهم من صدق به يكثر من ذكره بين جلسائه ولكنه ربما حبسه عذر عن الحضور معه صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء هم أهل ذكره في هذا الزمان ممن لم ينالوا شرف الرؤية الشريفة.

وهذان الصنفان هما ورثة المهاجرين والأنصار من جيران الحبيب صلى الله عليه وسلم في مدينته المنورة جعلنا الله منهم.

وكذلك في الأمة اليوم كما كان في المدينة المنورة من ربما سكنها وتظاهر بشعائر الإسلام ولكنه محجوب عن لقاء وذكر الحبيب صلى الله عليه وسلم نسأل الله العافية.

فأنت أيها المسلم بمعرفتك لموقعك من هذه الأصناف الثلاثة تعلم موقعك في المدينة المنورة لو كنت عشت في زمان الحبيب صلى الله عليه وسلم ثم موقعك غذا يوم تحشر العباد ويشفع الله حبيبه صلى الله عليه وسلم فيهم:
فما هي سوى مرايا ثلاثة متقابلة كل واحدة منها تعكس لك الصورة التي في الأخرى، فاجتهد لنفسك أن تكون ممن يكثر ذكر الحبيب صلى صلى الله عليه وسلم تعلقا ومحبة واتباعا وتشوقا عسى الله أن يرفعك إلى أهل مرتبة اللقاء المشرف والرؤية العزيزة والجنة الآنية جعلنا الله من أهلها..

وصلى الله على سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم وعجل بالفرج عن أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى