تزامن إنشاؤها مع نقل الإذاعة إلى العاصمة تقريبا، وتجاورتا طيلة أربع وخمسين سنة خلت دون أن تؤثر أي منهما في الأخرى؛ فلا رزانة مدرسة تكوين المعلمين وعطاؤها منعا تحول الإذاعة إلى ضجيج فارغ، ولا بوقية الإذاعة المتزايدة حولت مدرسة تكوين المعلمين إلى بوق ناعق! دون أن يعني هذا أن تيارات سياسية لم تخترق المدرسة العريقة.
أنشئت بهدية من اليونسكو سنة 1964 وعاشت سنوات متمتعة باستقلال مالي تحت وصاية وزارة التهذيب الوطني، ثم حولت إلى مؤسسة عمومية تابعة للدولة الموريتانية سنة 1967. وتوالت على إدارتها شخصيات مهمة أذكر منها السيد محمد المصطفى ولد بدر الدين الذي ربما تقاعد منها.
ألحقت باسمها “بانواكشوط” سنة 1980 لتمييزها عن أخرى أنشئت بالقوارب، ثم نقلت بعد مدة إلى لعيون؛ بل إلى انواكشوط على الأصح، حيث أمضت فترة تتخذ مباني المدرسة الأم مقرا لها، لكن باسم لعيون.
وعلى أهميتها وعطائها المستمر فهي من أقل المؤسسات العمومية نصيبا من اهتمام الإعلام، والدليل قلة ما ينشر أو يبث عنها (أو انعدامه) إلى اليوم!
بمبادرة مني أنجزت لجريدة الشعب قبل ثلاثين وعشرين سنة تحقيقا عنها استعرضت فيه تاريخها ومناهجها وأنظمة التكوين فيها والتحولات التي عرفتها، وبُناها التحتية وحاضرها؛ ومنه عدد الأساتذة، والطلاب (ونسبة النساء فيهم) يومئذ، وقد خضع التحقيق لحذف لم يدع منه ما يكفي صفحة من الجريدة، ونشرت الباقي منه (مع سد الفراغ الناشئ عن الحذف) صباح الأحد السادس من شوال 1413هـ (28/ 3/ 1993).
حدث ذلك وهي تشارف عامها الأربعين، وها هي تخطو نحو الستين متأبطة مدرسة التطبيق، وقد أصبحت لها ضرائر متعددة داخل البلاد، دون اهتمام إعلامي بها، فلعل عملي عنها كان يتيما.. فلماذا؟
الله أعلم.