الاستحقاق الرئاسي القادم يقع في مرحلة من تاريخ البلاد غاية في الحساسية والخطورة. وطن تحدق به المخاطر والتهديدات من كل جانب وإدارة حكومية غاية في السلبية وقلة الحيلة. مواطنون يقتلون على الحدود صباحا ومساء جنوبا وشمالا وبدم بارد دون ردة فعل من الراعي تدفع الأذى أو ترد الحقوق وكأن الشعب في واد آخر والنتيجة استضعاف الدولة من كل من هب ودب. ما كان يجب أن يكون الإجراء المتخذ أقل من إغلاق الحدود فورا والامتناع عن فتحها إلى أن تدفع الديات المغلظة، وهي ما يعادل مائتي ناقة عن كل نفس، ذلك بأن القتل حدث عمدا.
المخاطر الخارجية والداخلية قد لا تكون محل اهتمام المرشحين – كما عهدناه في السابق – وبما يعطي لهذا الاستحقاق الأهمية المتوخاة منه لدى المواطنين نتيجة لغياب ثقافة الأمن القومي لدى هؤلاء.
هناك حزمة من الترتيبات الدولية على شكل اتفاقيات ومعاهدات وتفاهمات وتآمر داخلي مكشوف، يراد منه في الظاهر خيرا وهو شر مطلق وأصبح الأمر يمثل خطرا على وجود وبقاء الدولة.
استهداف الشعب في قيمه الدينية وفي تماسكه الاجتماعي فتنة في حد ذاتها والفتنة أشد من القتل، يحدث هذا دون أن تتخذ إجراءات من قبل أصحاب القرار لوأد الفتنة في مهدها قبل أن تستفحل، بل ويسمح لرؤوس الفتنة أن يتبوؤوا المناصب والمنابر لصب الزيت على النار طعنا في الدين وتحد للدولة.
هناك وضع اقتصادي مزري تمر به البلاد رغم إمكانياتها الكامنة والمستغلة الهائلة نتيجة الفساد المستشري في الإدارة الحكومية وغياب الكفاءة في التعيينات والاستبسال في العبث بالمال العام وغياب الرقابة والتزاوج بين أصحاب الثروة المشبوهة ورجال السياسة والإدارة مما ينذر بازدياد الاحتقان السياسي والاجتماعي وانعدام الثقة في الدولة وبين الحاكم والمحكوم وتنامي الغبن والحيف، هذه العوامل مجتمعة هي خراب الدولة بعينه.
سياسة التبعية الثقافية (ازدواجية التعليم ما قبل الجامعي) تكاد تهوي بالمنظومة التعليمية الوطنية إلى قاع سحيق، فالبلاد نتيجة لذلك في ذيل الترتيب العالمي من حيث جودة التعليم، عدد الناجحين في الباكلوريا لا يتعدى 7% في حين أن النسبة في دول الجوار ـ جنوبا وشمالا – تتجاوز 60%.
هناك ضبابية في السياسات المنتهجة.
السياسات الخارجية المتبعة محل شك وتشكيك نتيجة لغياب الرؤية الواضحة في العلاقات الدولية وما غياب الأهداف السياسية إلا دليل على ذلك. رئاسة موريتانيا للإتحاد الإفريقي تمثل اختبارا لمدى أهلية الدبلوماسية الموريتانية في التعامل مع الشأن الدولي والإقليمي، فالملفات المنتظرة كثيرة.
1- سد النهضة الحبشي، الذي يشكل أزمة بين مصر والحبشة.
2- الأزمة الصحراوية المزمنة، فهي فرصة للتدخل بالمساعي الحميدة للتقريب بين الجارين الصديقين المغرب والجزائر.
3- الأزمة السودانية التي أصبحت حربا أهلية تحتاج الحل.
4- الأزمة بين الصومال والحبشة، في ظل تعطل منظمة الإيغاد.
5- أزمة دول الساحل مع الجوار الإفريقي.
6- آفاق التعاون الإقتصادي بين إفريقيا والتكتلات الاقتصادية الكبرى.
7- مشكلة الديون للدول الإفريقية الفقيرة والأكثر فقرا.
8- مواجهة التغلغل الصهيوني في القارة السمراء في ظل ممارسة الكيان البغيض للإبادة الجماعية في حق أهلنا في فلسطين، بالتعاون مع جنوب إفريقيا التي أصبحت تمثل رأس الحربة في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية بين دول القارة.
الدبلوماسية يجب أن تكون بالضرورة أداة لتوطيد العلاقات المثمرة بين الدول والشعوب وأن تعبر عن طموحات ومشاعر تلك الشعوب بالتواد والتعاون وبالندية.
ما يلوح في الأفق مبعث قلق وعدم اطمئنان. فالتبعية العمياء لفرنسا والخضوع لها لم ولن يجلب للبلاد ولدول الجوار غير الكوارث والمصائب. أما الأخبار المتداولة من حين لآخر على وسائل التواصل الاجتماعي نقلا عن وكالات الأنباء الدولية عن إمكانية إعادة العلاقات مع العدو الصهيوني المجرم المغتصب للأرض المقدسة فنرجو من الله ألا تكون صحيحة، ذلك بأنها إن حدثت، لا قدر الله ستكون عارا يلحق بصاحبه في المحيا والممات وخيانة للدين، للإسلام والمسلمين، ومجلبة للخزي والهوان.
السياسات الداخلية المتبعة كانت سببا لتشتيت شمل المعارضة الجادة، وكانت التنمية الاقتصادية والاجتماعية هي الضحية.
في ظل مركزية غاية في الجمود والتحجر تبقى مدن الداخل وقراه وأريافه وبواديه تحت رحمة من يعبثون بموارد البلاد في العاصمة وكأنهم بذلك يشهدون على نظام الدولة المركزية بالفشل.
لغة الإدارة (الفرنسية) في أروقة ودهاليز الإدارات والوزارات الحكومية تكاد تفضح المنظومة الإدارية الوطنية. إدارة في واد ومواطنون في واد آخر.
فقراء البلد ومساكينه وأيتامه وأرامله وأبناء السبيل لا يعدون ولا يحصون، والركن الثالث من أركان الإسلام فيه الحل، فهل من رجل فذ رشيد يعيد الحقوق لمستحقيها وللأمة روحها !
مسطرة الاجور لموظفى الدولة عاملين و متقاعدين تكاد تكون جامدة فى تطورها اذا ما وزنت بمقياس التضخم نتيجة للروتين و قصور الرؤية و شح الانفس فى سنوات الاستفلال الاولى اضيفت للراتب المخصصات العائلية للمساعدة فى الانفاق على المواليد الجدد المولود الاول٩٠٠ اوقية شهريا المولود الثنى ٧٠٠ اوقيةشهريا الاولاد المتعاقبون بعد ذالك ٥٠٠ اوقية لكل منهم شهريا كان مبلغ سبعمائة اوقية آنذاك و هو المبلغ المخصص للولد الثانى شهريا يكفى لشراء اضحية و هو الآن يكاد لا يكفى لشراء نصف كيلو لحم الا يكفى هذا الجانب المخفي من مسطرة الاجور للدلالة على مسطرة للاجور تكاد تصبح محنطة الا يكفى هذا الجانب المخفى من مسطرة الاجور لانارة صاحب القرار لاتخاذ ما يلزم؟
عود على بدء ونحن مقبلون على الرئاسيات.
أما آن لأهل العقول والحكمة أن يتوافقوا على مرشح ينقذ البلاد مما هي فيه من تردي وتهاوي.؟!
أما آن لأهل الحكمة والبصيرة أن يتفقوا على مرشح تتوفر فيه صفات القيادة الرشيدة الحازمة.؟
أما آن الأوان لبروز مرشح يزرع الأمل والتفاؤل في النفوس؟.
– أن يكون نظيف الكف ناصحا أمينا.
– أن يكون قد جرب في الإدارة والتسيير.
– أن يكون صارما وعادلا في آن معا.
– أن يلتزم بالمحافظة على مصالح ومكاسب البلاد المادية والمعنوية.
– أن يكون حاميا للدين، عقيدة وشِرعة ومنهاجا.
– أن يحوز تزكية جماعة عُدُلٍ من مسلمي البلد ترشحه.
” لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ” النساء/ 114.
انواكشوط بتاريخ 7 شوال 1445 هـ
الموافق: الاثنين 16 نيسان 2024 م