إن الأزمة المختلقة، التي فجرتها حركة “إيرا” عن طريق المدعو محمد الأمين، والذي لم يكن أمينا هذه المرة فى الاعتراف بالجميل لأسرة الفضل والكرم التي آوت زوجته، وتكفلت بتربيتها بعد وفاة والدتها منذ ثلاثة عقود من الزمن، إلى أن تزوجها المدعو الذي غدر بالوالد المربي شيخن ولد الشهلاوي، قد تم اختطافها لتصبح أزمة سياسية بامتياز، تشكل مسرحية يتنافس على خشبتها كل من المحامي المرموق رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أحمد سالم /بوحبيني، والسياسي البارز بيرام/الده/اعبيد، اللذين حاولا التسرع والالتفاف والقفز على القضاء، بعد أن بدا للوهلة الأولى أنه فى صالح السيد شيخن ولد الشهلاوي لبراءته بشهادة الجميع، بما في ذلك أخوات وبنات المدعوة مريم بنت الشيباني، وكذلك زوجها الأول ديدي/لقظف والد البنات، والذي يسكن معهم في نفس القرية بل ونفس الأسرة.
إن وجه الاستغراب في القضية لا يقتصر على التلفيق والتنكر للمعروف الذي أسداه السيد شيخن، بقدر ما هو متعلق بصدور قرار مجحف دون تعميق وإكمال التحقيقات، حيث لم يجد القاضي شاهدا من “عين فربه” يثبت اتهام السيد شيخن، وإنما اقتصر على شهود إن وجدوا من مدينة لعيون، التي لا تمت إلى المنطقة بصلة، كما أن رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان السيد بوحبيني أدلى بتصريحه المتسرع بعد مقابلة جماعة “إيرا”، والأخذ بزعمها – دون أدلة -على حساب الطرف الآخر، وأما السيد بيرام الذي كان خارج الوطن فكان حكمه جاهزا لا يحتاج إلى دليل.
لكن المضحك والأكثر استغرابا هو اعتماد ما وصفوه بالأدلة، وما هي بأدلة: استندوا في ذلك إلى أن بطاقة تعريف المدعوة مريم محتجزة عند السيد شيخن، وهي ليست كذلك، فكانت مريم تحصل على إعانة من هيئة “تكافل” في لائحة “عين فربه”، وهي حينئذ تسكن مدينة الطينطان، فأرسلت البطاقة إلى ابنتها لتسحب المبلغ الذي أرسلته لها واحتفظت بالبطاقة للدورة القادمة، مع أن حجز البطاقة لا يعتبر دليلا على الرق، وكثيرا ما تجمع البطاقات لغرض انتخابي وخوفا من الضياع.
أما الدليل الثاني والذى لا يقل سخافة عن الأول فهو أن إحدى البنات اسمها شيخن، واعتبروا أن ذلك دليل على استرقاقها متجاهلين خصوصيات المناطق والمجتمعات، فكم عندنا من سميات الرجال تيامنا أو تقديرا واعترافا بجميل، فعندنا الشيخ المهدي، وسلمان، وعالي، والنح، وجوب، كلهن نساء تسمين بأسماء رجال من بني عمومتهن وغير عمومتهن.
على كل يبدو أن المتنافسين على الخشبة – كما أسلفت – نجحا في اختطاف القضية من القضاء كما أشار إلى ذلك بيرام فى مؤتمره قبل أمس، ليصبح هو المخرج الحقيقي لهذا الفيلم.
والذي لم تكتمل فصوله بعد، لكنه ما ضاع حق وراءه مطالب فسيعلم الجميع أن قضيتنا عادلة وأننا لن نتخلى عنها، وسيعلم بيرام وغيره أننا لا نلقي بالا للاستفزاز، و لا نقبل الضيم، ولن يهدأ لنا بال حتى نحاسبه على سفاهاته وشطحاته:
لقد كشفتم سيادة النائب – خلال مؤتمركم الصحفي الهزيل – عن وجهكم الحقيقي، عن السياسي المتملق، السياسي المتلون، السياسي الذي يقتات على ركوب الموجات، السياسي الذي يتنكر لمن صنعوه وأسدوا له الخدمات، السياسي الذي يتودد للسلطة من أجل تحقيق مآربه غير المشروعة.
إن التنكر لعزيز الذى أوجدكم وأضفى على منظمتكم، المتطرفة وغير المرخصة، قدسية أصابتكم بالغرور ، وترككم تصولون وتجولون وقدم لك الدعم من وراء الستار في الرئاسيات التي أوصلتك إلى ما لن تصل إليه إذا سمحت لك السوابق العدلية بالترشح ثانية، هذا التنكر سوف لن يكون غائبا عن أذهان الجهات التي تلوح بذكرها وتمجدها، وهي التي تعرف سرك ونجواك، وهي التي تحظى بمستوى من المسؤولية والأخلاق – ما لم يحظ به النائب “الموقر” يجعلها تعيد النظر فى المهزلة واللعب بالنار الذي تقومون به.
أيها النائب: لقد أوصلكم هذا الغرور – خلال مسرحية المؤتمر البائسة – إلى التطاول المفرط على ساكنة “عين فربه”، وإلى خلط الأوراق وإلى بعض الترهات التي سيتم الرد عليها نقطة نقطة، حتى تنكشف العورة ويظهر المستور إن شاء الله:
1-وصفتم سكان “عين فربه” الشرفاء بمختلف ألوانهم بالغوغاء المفترسين، وهذا ليس غريبا لأن كل إناء بالذي فيه يرشح، لكن أبشرك بأن ذلك لن يمر دون محاسبة؛
2-وصفتم مؤيدي الحق فى “عين فربه” بالثلة (كمشه) فهذا كذب تعودناه منكم، لكن حبذا لو اعتمدت الدولة مرصدا للتحقيق فى هذا النوع من القضايا، حتى تدرك أن “عين فربه” مجمعة على قضيتها العادلة، وسوف لن تتخلى عن براءة ابنها شيخن، ولن تتخلى عن محاسبة الضالعين فى المسرحية وعلى رأسهم السيد بيرام؛
3-زعمتم أنه حصل تودد من طرف أسرة أهل الشهلاوي، وما أدراك ما هذه الأسرة ، إنها أسرة الكرم والشهامة والشموخ والإباء، التى لا تقبل الرضوخ للابتزاز، ولا تستكين تحت أي ظرف، ولا تعين الظالم أبدا، وبالتالي ما كان ولن يكون منها أن تتودد لأمثالكم فيما تملكون، فكيف فيما لا تملكون؟
4-ذكرتم عن نفسكم أنكم أهل حق، والحق أحق أن يتبع، فانزل إلى الميدان حتى ترى أتباعك كما وكيفا؛
5-ذكرتم سيادة النائب بفخر محرقة الكتب الفقهية وتبجحتم بها، ولكم الحق فى ذلك لأنه من جهل شيئا عاداه؛
6-ذكرتم الترشح لمنصب الرئاسيات، الذي هو مربط الفرس في كل حركاتكم وتصرفاتكم، فاعلم سيادة النائب أن اللعبة الماضية لن تتكرر، وسوف لن تحصل إلا على ما تستحقه، وأنت أدرى به منا.
7- ذكرتم – استهزاء واستهتارا -أن المتظاهرين فى “عين فربه” من أجل الحق مدفوعون دون إرادتهم، وكأنهم حيوانات تساق، وهنا أتحداكم زيارة “عين فربه” فلن تجدوا شخصا واحدا يناصر القضية التى تزعمون؛
8- قلتم بأن الدولة دعمتكم في هذا الموضوع دون تحقيق مكتمل الأركان، فهل لا يعتبر هذا إقرارا على تدخل السلطة في القضاء والتأثير عليه؟ ألم يكن هذا مطلبا سابقا لديكم أم أنكم لا تخشون الملاحقة الوشيكة إن شاء الله؟ ولا يزال استقلال القضاء مطلبا لكل الشرفاء والأحرار؟ وهنا نبشرك بأننا لن نقبل الظلم من أي جهة كانت، وسنواصل جهودنا حتى نظهر الحق الذي هو من نصيبنا، ونزهق الباطل الذى تدافعون عنه؛
9- برأتم أنفسكم من العلاقات الخارجية المشبوهة ، فأين لكم هذا؟ هل ثلة الفقراء التي تقودها قادرة على توفير المال الكافي للبذخ الذى تعيشه والقصر المشيد الذى ستدخله قريبا بعد أن ترفعتم عن ذلك القديم؟ وكيف يعيش “سفراؤك” فى الغرب مكرمين وظيفتهم الوحيدة رشق موريتانيا وشعبها بالاتهامات الكاذبة والحجج الواهية؟
10- ذكرتم فى مؤتمركم – التفافا على الحقيقة – عدم رضاكم عن السيد أحمد سالم/بوحبيني، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وهو أول من أصدر الحكم على السيد شيخن بعد مقابلة طرف الافتراء، والأخذ بزعمه على حساب الطرف الآخر وقبل نطق القضاء، فهل تستطيع أن تنكر هذا التمالؤ؟ وهل تتصور أننا سنقبل به أو نستكين له؟
سيادة النائب: إنكم يوم ترشحتم للرئاسيات كنتُ من المتعاطفين مع مؤيديكم، وبحثت عنهم لمساعدتهم في النقل إلى مكاتب التصويت وبأوراق التعبئة كبادرة حسن نية وقناعة مني بأن تولي المسؤولية – أية مسؤولية – لا يتعلق بلون ولا شريحة ولا عنصر، وإنما أبناء الوطن لهم الحق كلهم فى تولي المسؤولية، لكني – ولله الحمد – وجدت أن أهل “عين فربه” أكثر مني فهما لشخصكم، وأدرى مني بخفاياكم، فلم يقبلوا التصويت عليكم إلا بنسبة الصفر التي أكد مؤتمركم الصحفي أنها هي نصيبكم في أهل “عين فربه”، وكأنهم تنبأوا بهذه اللحظة! عندها فهمت أن ذلك ذنب أصابني، فاستغفرت الله منه وتبت إليه، ولن أعود إن شاء الله.
السيد النائب: كان حريا بكم أن تسلكوا الطريق الذي كان معبدا قبلكم، شقته قامات وطنية شامخة، وأبلت بلاء حسنا حتى صارت رموزا يحتذى ويحتفى بها، إنهم القادة العظماء ذكرا لا حصرا:
مسعود ولد بلخير، وما أدراك ما مسعود!!، ببكر ولد مسعود، اسقير ولد امبارك، محمد الأمين ولد أحمد، ومحمد ولد الحيمر رحمهما الله، وغيرهم كثير، هؤلاء رموز يعتز بهم ويحتذى بهم في الوطنية والشرف، والدفاع المسؤول عن الحقوق والذي دفعوا على إثره الغالي والنفيس وحققوا ما جعلهم مصدر فخر وثقة لدى الجميع، حفظ الله الأحياء ورحم الأموات .
السيد النائب:
إن “عين فربه” بمحاظرها القرآنية التليدة، ومساجدها العتيقة، وحسن ضيافتها المشهودة، ولوحة ألوانها الجميلة، التي تجسد واقع وحدة وطنية حقيقية؛ أنتم بالمرصاد لها دائما لحاجة فى نفس يعقوب، أبت القيم السامية من أخوة ومحبة ومساواة وحرية وتعاضد وتكافل بين مكونات مجتمعها إلا أن تحول دون رغبتك الجانحة، وإن هذا الواقع المشرف الذي تعيشه “عين فربه” يجعلها أكبر قدرا وأعظم شأنا من أن يمس منها لسانك غير المهذب، أو تذكرها ولو بشطر كلمة.
أما وإنك قد تجرأت على سبها وشتمها ووصفها ببعض الأوصاف التي لا تليق إلا بك وبأمثالك، فاعلم أن ذلك لن يمر سدى بل ستلاحق، ولن نقبل بأقل من أخذ حقنا كاملا غير منقوص، حتى يتكسر الصنم ويفهم الكل أنك لست مقدسا ولست فوق القانون، مهما تغافلت عنك بعض الأنظمة! فمن أنتم – سيادة النائب – حتى تتطاولوا على شرفنا وكرامتنا أنتم وأزلامكم؟ ومن أباح لكم ذلك؟ ومن بإمكانه أن يحميكم من المحاسبة بعد هذا التطاول الذي واجهتنا به والوقاحة الزائدة؟؟
إننا لا ولن نقبل الإهانة مهما كلف الثمن! ولا نقول إلا ما قاله نبي الله يوسف عليه السلام: (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) !!
والله إن السجن لأحب إلينا من العيش تحت الظلم و الهوان والسب والافتراء الصادر عن بيرام وأسياده وأزلامه.
إنه كفى “عين فربه” فخرا أن من يزعم “بيرام” أنهم من أبناء جلدته – وهم منه براء – هم من في طليعة الحراك ضد القرار الجائر، وضد التصريحات الهمجية، والهجوم الأرعن الصادر من بيرام؛ إنهم أول المتصدرين للدفاع عن السيد شيخن ولد الشهلاوي، لما يعرفون عنه من الطيبوبة والتواضع وإنكار الذات والإنفاق وكفالة هؤلاء يوم كانوا صبية صغارا لا أحد يعولهم، هؤلاء الشرفاء أيضا هم أول من دفعوا أموالهم مؤازرة لأسرة السيد شيخن يوم أوقفه الظالمون عن إعالة أبنائه وبناته وجيرانه، وهم أول من تصدروا الاحتجاج على القرار الجائر، ومن تصدوا لمتاجرة المحامي السياسي ولد بوحبيني، الذي كان فى موقع القاضي المتسرع فى إصدار الأحكام، وهو ليس بقاض وإنما مسؤول منظمة حقوقية – فشل هذه المرة بجدارة توليها – فكان عليه أن ينتظر صدور الحكم حتى يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود، من الحق حينئذ يكون إلى جانب المظلوم نحن وإياه، لكننا قد نتلمس له العذر نظرا لمصاحبته بعض الضيوف الذين لا يبحثون إلا عن وجبات تمس صميم شرف الشعب الموريتاني والمسلم بصفة عامة، والنيل من لحمته، وقد تكون هذه الوجبات معوضة مما يسيل اللعاب، لكنه سيجف بسرعة بقوة الحق ودفاع ساكنة “عين فربه” عن كرامتها وشرفها الذي لا يستطيع بوحبيني ولا بيرام تدنيسه أبدا.
سيدي المحامي “السياسي”: إن أهم ما يبحث عنه الإنسان السوي ويضحي من أجله ويبذل فيه الغالي والنفيس، ويوجب الشرع الدفاع عنه مهما كلف الثمن هو العرض والشرف، وهنا أنبهكم – سيدي المحامي – إلى أنكم قد نلتم من كرامة أسرة ومجتمع بأكمله، يشهد القاصي والداني على براءته وبعده من أي ممارسة مشينة خاصة من هذا النوع، حيث كنا فى طليعة من تصدوا لهذه الظاهرة المقيتة في مطلع ستينيات القرن الماضي، والشواهد قائمة لمن كان يريد الاطلاع عليها ومن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ثم إنكم أيها المحامي تجنيتم على نفسكم وفرطتم – وأنتم مسؤولون – في سمعتكم وواجبكم المهني بهذا التجني بالتسرع في إصدار حكم خطير بهذا الحجم ضد مجتمع لا يقبل التطاول والضيم، ولا يستكين للاستفزازات مهما كان مصدرها ومهما كلفت من ثمن.
إن التلاعب بكرامة الإنسان الذي يفترض أن منظمتكم المحترمة تقف فى وجهه، بل وأنشئت لغرض التصدي له، ليس شعارا يرفع على يافطة ولا مقابلة أو مؤتمرا صحفيا يطل صاحبه على الشاشة، وليس موقفا سياسيا يبحث صاحبه عن مصلحته الخاصة، حيث يجدها ويرتحل بحثا عنها، وليس تصفية حساب أو رغبة يحققها المسؤول لطرف ما لمآرب غامضة، بقدر ما هو عمل شريف ومسؤولية جسيمة، تتطلب من القائمين عليها الحياد والشفافية والتعفف والابتعاد عن الشبهات والإغراءات والتحري عن الحقيقة دون استعجال في إصدار الأحكام، وهذا ما يليق بمقامكم الكريم، لكنه إيمانا منا بأن الإنسان يبقى ناقصا وقد يتعرض للخطأ تحت أي ظرف، وقد يسرقه الهوى تارة، فإنه لا يسعنا إلا أن نسامحكم ونرجو الله أن يتجاوز عن زلتكم التي لم نكن نتوقعها منكم، و نوصيكم وأنفسنا بتقوى الله في عباد الله، فالوظيفة تزول والمناصب تزول لكن المواقف – خاصة إذا لم تكن سياسية – يجب أن تظل ثابتة على أساس ملؤه العدل والصدق والحياد والتأني وعدم التسرع فى إصدار الأحكام.
لم يكن هذا – سيادة المحامي – من باب التودد والمغازلة، كما قد يتصوره بعض أصحاب التفكير الخبيث وما هم منه ببعيد.. لا أبدا، وإنما هي أصالة مجتمع عصي على النيل منه، وسوف يأخذ الموضوع على محمل الجد، حتى”يميز الله الخبيث من الطيب”، وتكون نهاية الظالمين والمتطرفين أعداء السكينة والسلم والتعايش المشترك، على أيدينا، وما هذه الأزمة المختلقة إلا بداية نهايتهم إن شاء الله، ولكم – سيدي المحامي – في الاستقالة من المنصب مخرج مشرف إن أردتم التكفير عن زلتكم وحكمكم الأحول بل وشهادتكم بالاستماع لطرف والأخذ بزعمه على حساب الطرف الآخر دون تعمق فى التحقيق أو وجود أدنى قدر من الشهود!!!
إننا إذا ما تطرقنا للموضوع من الزاوية السياسية بنظرة موضوعية نجد أن السلطات العليا تتحمل مسؤولية كبيرة فى ما وصلت إليه حركة “إيرا” من طغيان وتهديد للسلم الإجتماعي وما قد تؤول إليه الأمور جراء خطورة هذه الحركة قد يجعلها تخرج عن السيطرة مستقبلا بفعل الجشع والعمالة للآخر والتعصب الأعمى وتجاوز الصلاحيات والأدوار المسموح بها .
إن النظام السابق الذى يعتبر صانع الحركة قد سن من القوانين ما تعتبره الحركة منحة مهداة على مقاساتها أو مكسبا تم انتزاعه بالقوة وهذا ما تبجح به النائب بيرام فى مؤتمره الصحفي المشؤوم الذى تطاول فيه على الجميع وأشار إلى أنه سيصدر قانون وشيك كاد يحدد تاريخه وكأنه من أمر بإصداره ، إضافة إلى تلويحه بالترخيص لحركة لا تقل خطورة عن نظام الأبرتايد (Apartheid)، لكن المؤسف الذى يتوجس منه الشعب الموريتاني خيفة هو أن تظل حركة غير مرخصة تحمل فكرا عنصريا وبأسلوب بدائي يعمل على التحريض والإنتقام المتوهم وزرع الفتنة بين الإخوة أبناء الوطن الواحد والدين الواحد دون أن تضع السلطات حدا لذلك !
إن السلطات العمومية للبلد هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن حماية المواطن وعن الوطن وصون أمنه واستقراره ، وهي وحدها القادرة على الوقوف فى وجه التحديات والتهديدات القائمة والمحتملة ، وهي التى تمتلك – بقضائها – صلاحية الإدانة والعقوبة والإثبات والتبرئة ، وليست حركة “إيرا” وصية على أي شريحة بعينها فذلك – لعمري – يكرس الطائفية والشرائحية والعنصرية ويمس من سيادة الدولة وهيبتها والدخول فى صلاحياتها ، إضافة إلى ما قد يتسبب فيه من صدام كما هو حاصل الآن مع قضيتنا العادلة التى لن نألو جهدا فى محاسبة المتسببين فى خلقها مهما كلفنا ذلك، وقد تكون الأمور فى حالات أخرى أكثر خطورة.
إن هذه الحركة بفعل القوانين التي أصدرت لسواد أعينها وحريتها المطلقة التى تقيد حرية الآخر والإدرار بالمال من بعض الجهات التى لا تريد الاستقرار للبلد كل ذلك يجعل منها سيفا مسلطا على رقاب كل الأحرار فى الوطن : فكلما أرادت أن تشوش على نظام أو تحاسب مخالفا فى الرأي أو تستعطف جاهلا أو تستدر ممولا أو توقظ فتنة كان لها ذلك .
لذا فإنه على سلطاتنا العليا أن تقدر الوضع وتعي الأمر جيدا وأن تفكر فى حل جذري لما يسمى آثار الاسترقاق وظاهرة الفقر بصفة عامة و التى تطال مختلف شرائح المجتمع، وعندما تمضي قدما فى عملية الإصلاح فإن الوضعية الاقتصادية للمواطن أي مواطن ستتحسن ولن يكون بحاجة إلى مكمن الشبهات والأوهام والافتراءات التى يصطادها النائب بيرام وأتباعه ويقتاتون عليها.
إن أي استطلاع للرأي العام لعامة الشريحة المعنية -باستثناء المرتزقة والمتاجرين الذين يعيشون على دعم من أعداء الأمة فى الغرب هم وأعوانهم فى الداخل- سوف يجد أن هؤلاء الآخرين ينسجمون انسجاما أخويا – فى إطار وعي وحرية مطلقة- مع إخوانهم من الشرائح الأخرى حيث لا سلطان لأحد على أحد، نابذين الفرقة التى يدعو إليها هؤلاء المتطرفون، بل إنهم بفضل صفاء قلوبهم و تمسكهم بدينهم الحنيف وتداخلهم في ما بينهم لا يقبلون أي دعوة تمس من تعايشهم المشترك وتآخيهم وتعاضدهم..
واسمحوا لي أيها النائب ، فما كان مني أن أستخدم هذه اللغة التى لم أألفها لكنني لم أجد مترجما يجيد لغتكم نيابة عني فاضطرني الأمر إلى أن أكتب بلغتكم التى تجيدونها عسى أن تفهموا رسالة أهل عين فربه
أخيرا لا يسعنا إلا أن نهيب بالشعب الموريتاني الأبي وبالمواطنين الشرفاء أن يقفوا إلى جانب الحق فى هذه القضية العادلة التى تم تلفيقها من طرف دعاة الفتنة والتقسيم الذين لا يهمهم سوى مصالحهم الآنية، غير عابئين بالمصلحة العليا للبلد.
كما ندعو السلطات العليا للبلد إلى وضع قوانين صارمة تحول دون المتاجرة بالأمن والسكينة العامين للبلد وتوقف دعاة التحريض والفتنة عند حدهم، لسد الباب أمام أي انحراف محتمل لا قدر الله.