تعيش بلادنا واقعا مترديا منذ الاستقلال على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ولعل المتتبع لمسارات النمو يدرك ركودا ورتابة على مستوى الإدارة الإقليمية فى نهجها التعاملي مع جميع الملفات المتعلقة بالتنمية عموما.
ومن خلال هذه الكتابة سأحاول إبراز فهمي للواقع المتدني لمنظومتنا الإقليمية، وأسباب فشلها وبعدها عن المواطن الذى أثار غضب الرئيس محمد الشيخ الغزواني الأخير.
تتالت منذ الاستقلال أنظمة سياسية على البلد تطبعها التوازنات الأسرية والجهوية وحتى الإثنية، مما جعل معيار الكفاءة غائبا على العموم، وأرسيت دعائم الأسرة والجهة والعرق على حساب التنمية الهادفة والكفاءة، ولعل هذا السبب بقي محفوظا لوجاهته الانتخابية عند هذه الأنظمة التي تعتمد الخزان الانتخابي للقبيلة والجهة وسيلةّ للفوز بالكرسي الذي تؤمنه الثكنات بحكم الانقلاب إن لم تكن القيادة العسكرية راضية عن دميتها على الكرسي الانتخابي الذى صنعته الديمقراطية المشبوهة في عالمينا العربي والإفريقي.
وهنا يظل الجانب السياسي فاشلا لكونه أصلا أسس على باطل، تلعب فيه الأسرة والجهة والعرق دورا بارزا على حساب الكفاءة وإرساء مفهوم الدولة بعيدا عن التجاذبات الأخرى.
وانطلاقا من هذا المثال السياسي تبدأ المنظومة الاقتصادية الهشة توظف لصالح الفرد والأسرة، مما يجعل التنمية تعيش أزمة الجهة والتوزيع غير العادل لثروات البلد الذي تسكنه إثنيات مختلفة من عرب وزنوج، وان كان يجمعها الدين والواقع فإن الجهة والعرق تفرقها، وان أضفنا لذلك سوء الحكامة نبقى – كما هو حالنا الآن – تهددنا مشاكل الانقسام والحروب الأهلية التى طالما عصفت بمثل تلك الشرائح .
وبناء على المثالين السياسي والاقتصادي المذكورين يكون الجانب الاجتماعي قد أسس على باطل هو الآخر وتبقى المنظومة كلها تئن تحت الفشل والعجز مهما كانت مواردها ومقدراتها الاقتصادية، ولعل كلام الرئيس غزواني الأخير وانطباعه عن الوزراء فى حكومته صراحة لا نظير لها منذ حكم المختار ولد داداه وحتى اليوم فى موريتانيا وكشف للمستور من زبونية وتحايل على حل مشاكل المواطن الضعيف، ويبقى السؤال المطروح الآن هل أنجبت الموريتانيات رجالا صادقين حقا وبإمكانهم قيادة بلدهم دون خيانة؟
إن كان الجواب نعم فقد يوفق غزواني فى العثور عليهم وانقاذ البلد، وإن كان الجواب لا فستبقى موريتانيا كما كانت وتبقى موجة غزواني هي نفسها موجة الأنظمة التي سبقته.
حفظ الله البلد.