التشاؤم
حتى عهد قريب كنت أجد من لا يرى حرجا في ذكر النار وغضب الله وأنواع الشرور الحقيقية، ولكنه لا يجرؤ على ذكر الحية أو العقرب أو الذئب أو نحو هذا، وإنما يكني عن كل ذلك توخيا للسلامة منه!
وكان للذئب نصيب وافر من الأسماء والأوصاف والألقاب تعويضا عن حروفه الثلاثة! فهو صيكه، ولمخيزي، واصويحب لغنم، والمخلب، واندَيْبَرْ.. إلخ.
في فترة ماضية كنت يوما أتجول في حديقة للحيوان أقامتها “اسنيم” بكانصادو (انواذيبُ) وضمت حيوانات مختلفة؛ مفترسة وغير مفترسة، وكان بين المتجولين رجل مسن رأى تلك الحيوانات دون تعليق، وبينما هو في جولته رأى الذئب يجري إلى هنا وهناك بحثا عن ملجأ أو مغارة أو مُدَّخل فنهره بأعلى صوته: “مر يخزيك”!
وفي شبابي عرفت رجلا آخر (وكان ذا غنم) وصل إلى التشاؤم بذكر الذئب على لسان غيره أيضا! وفي إحدى الليالي تناوبت وصديقا لي على ذكر الذئب، فكان إذا ذكره أحدنا انقطع الرجل عن المجلس دقائق لتعويذ غنمه فإذا عاد اهتمامه إلى جلسائه عاد الآخر فذكر الذئب فغاب اهتمامه من جديد.. وأخيرا أوسعَنا شتما وتقريعا وأسمعنا ما نكره ولا أظنه يكتفي بالكلام لو فهم أن الأمر مبيت.