إِبَّانَ تجديد مقطع روصو – اعْوَيْفْيَه؛ شَرَعَت الشِّرْكَةُ الإسبانية المكلفة به في بناء ملتقى طُرُقٍ واسع، لا تزال آثارُه باديةً للعيان عند الكلم 7 من روصو، لكنها لسبب غير معروف أعرضت عنه، مستبدلةً إياه بآخَرَ عند الكلم 3.
أطلق السكان على ملتقى الطرق البديل “كرفور اخْرُوجُ” (بترقيق الراء)؛ لشدة ضيقه وغَلَبَةِ ضُرِّهِ على نفعه.. فكثيرا ما سقطت السيارات على جَنَبَاتِهِ، وهي تدور فيه بصعوبة.
وفي بداية العشرية الماضية شَقَّ النظام المنصرم طُرُقًا بدت في تَلَوِّيهَا العجيب في أزقة روصو كأفاعي “شمامه”، لكن في صبيحة اليوم الموالي لرحيله اكتشف السكان أنه طواها قبل الفجر ورحل بها معه!
ولا يفتأ الأهالي يشيرون إلى المباني الحكومية الموروثة عن المستعمر، بأسقفها الْمُسَنَّمَة، المغطاة بالقِرْمِيدِ الأحمر، وهي تغالب عوادي الزمن، قائلين: صَمَدَتْ هذه أكثر من سبعين عاما، فَهَلاَّ صَمَدَ ما تبنونه عَشْرَ سنين فقط؟!
تُجِيدُ ساكنة روصو السخريةَ من الأنظمة والسياسيين، فهي سلاحُها ضد التهميش والنسيان وتَرَدِّي الخدمات، وإلى جانب سلاح السخرية يُتْقِنُ الرُّوصويون سلاحا آخر؛ هو “التصويت العقابي” كلما سنحت لهم الفرصة، فمنذ إقرار دستور 20 يوليو 1991 لم يَفُزْ في روصو (المدينة) أَيُّ مرشح للنظام الحاكم، بل كانت الضواحي البعيدةُ والبوادي هي من يرجح الكِفَّةَ لصالح مرشحي الأنظمة.
وحتى في ظل الوضع السياسي الملتبس؛ استطاع الحَدْسُ العام لأهالي المدينة العنيدة أن يُمَيِّزَ المرشحين الأقربَ للسلطة فَتَجَنَّبَهُمْ، كما كان الحال بعد انقلاب 03 أغشت 2005، حيث انتخب الأهالي البروفيسور “افَّاسَا يَرِيمْ”، مرشح “تكتل القوى الديمقراطية”، عمدةً لمدينتهم.
زيارة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، يوم الثلاثاء القادم، لروصو صحبةَ نظيره السنغالي، فرصةٌ لتذكير فخامته بأوضاع هذه المدينة المنسية، وَبِمَطالب ساكنتها الطيبة، ومنها: أن لَقَبَ “عاصمة البعوض”، الذي يحلو للبعض أن يلقب به روصو، ليس قدرا مقدورا، بل يمكن استبداله بِلَقَبٍ أفضل؛ متى قامت السلطات بواجبها في تنظيف المدينة وتغيير وجهها الحضاري.
ومنها أن الخِدمات المتدنية في مجال الصحة والتعليم والبنى التحتية؛ لا تتناسب مع الموارد الهائلة التي تملكها المدينة، والتي تبلغ بالكاد عُشْرَ الخِدمات المتوفرة لنظيرتها على الضفة اليسرى للنهر.