ينسب إلى ماري أنطوانيت زوج لويس السادس عشر وأم سميه تالي رقمه قولها وقد ثار الفرنسيون من أجل الخبز: لماذا لا يأكلون الكعك؟! ويمكن صدور قول مشابه عن مذيع شاب لو حدثته ببعض معاناة المذيعين سابقا؛ إسقاطا منه لما بعد الحوسبة على ما قبلها.
الآن تؤخذ المواد على الحواسيب والذواكر المنقولة بسهولة وراحة بال، وتزال الزوائد وتضبط المدة على الحواسيب ببرامج مناسبة للمهمة. ولكن في الماضي القريب كان البحث عن شريط مناسب يأخذ وقتا وجهدا، وغالبا ما يلجأ المذيع – استسلاما للواقع- إلى ما سبق استعماله مرارا وتكرارا، وقد يصل شريطا بآخر ليجد ما يكفي مهمته.. إلى آخر صنوف المعاناة. وعند المونتاج يهدر وقتا طويلا في التقديم والتأخير والقص واللصق لحذف نحنحة أو خطأ من نوع أو آخر.
في ربيع 1992 دشن معاوية عهده المدني بحكومة أسند وزارتها الأولى إلى سيدي محمد ولد بو بكر وكانت الأشرطة كبريتا أحمر، وفي مستهل العهدة زار الوزير الأول مؤسسات عمومية من قطاعات مختلفة كانت الإذاعة إحداها. يومها رأيت كميات كبيرة من الأشرطة الجديدة لدى قطاع البرامج الذي كنت محسوبا عليه فحسبت أزمة الأشرطة انفرجت، ومن الطبيعي أن أفرح بذلك.
لكني فوجئت في اليوم التالي – أو تاليه- بأن دار ابن لقمان على حالها، وحين استغربت مع وجود كمية الأشرطة المذكورة علمت أن الأمر لا يعدو أن مكتبة الإذاعة الصوتية أخرجت من مستودعاتها ورصت في المكاتب واستجدت علب الصفوف العليا منها لتبدو جديدة لامعة (كما جرى في حادثة سونيمكس بالضبط!) ثم ردت إلى مخادعها بعد انتهاء الزيارة.
كان عجبي أكبر من ارتداء ثوب زور أمام من يفترض أنه أحد المعنيين بتوفير اللوازم وتذليل العقبات، ولازمني الاستغراب طويلا. ومنذ سنوات قليلة أدركت أن للأمر وجها منطقيا؛ فالمسؤولون يصرفون الميزانية فيما طاب لهم، ومن المنطقي التظاهر بأن كل شيء على ما يرام، فأي نقص يقود إلى مراجعة الميزانية وبنود الصرف.