في سفرة علاجية إلى دكار ختام السنة الماضية (2021م) عنّ لي أن أكتب عن الغياب الثقافي العربي الغريب المؤسف من السنغال المجاور؛ وهو غياب يستوي فيه الجار ذو القربى مع الأبعدين دارا، وتتسابق بلدان الغرب لسد فراغه وقد خلا لها الجو فعمرته كما يعمر الهواء الفراغ.
تذكرت أن لموريتانيا مركزا ثقافيا بدكار فسألت بعض المقيمين هناك فلم أجد ما يكفي مما أريد، ثم اتصلت بصديق لي يعمل في السفارة هناك فإذا به يرأس مصلحة في المركز المذكور، إلا أني صادفته مسافرا إلى بلادنا، لكنه رتب مشكورا لقاء بيني وبين مدير المركز.
زرت السفارة ضحى، ومنها دلفت إلى المركز الملاصق فاستقبلني مديره استقبالا مناسبا لم ينغصه ما عبر عنه من توجس من أدعياء الإعلام الذين يبدو أنهم جرّعوه ما جرّعوه.
بعد تلقي المعلومات وجولة في أرجاء المركز وتصوير السيد المدير وما شئت تصويره برفقته وإشرافه، أخرج نقودا من جيبه أثناء وداعي فأقسمت بمجرد رؤيتها أن لا أمسها ولا أنتفع بها؛ وهو ما لم يسلم به الرجل إلا بعد محاولات متعددة، لكني كنت عند كلمتي.
شرحت له أني لا أريد تعويضا عما قمت به، وإنما أعتبر نفسي شريكا في تلك المهمة العظيمة، وخرجت من عنده شاكرا.
عدت بما يكفي موضوعا مستقلا عن المركز، بعد ما كانت مهمتي سطورا أكمل بها الصورة، واتصلت بالسيد مدير جريدة الشعب مشعرا فرحب بالمادة، فحررتها، وبعيد إحالتها إليه نشرها فأرسلت إلى مدير المركز رابطها على موقع الوكالة وصورة منها كما نشرت في العدد الورقي، فردّ عليّ برسالة واتسابية هذا نصها: “صباح النور أخي العزيز. لك مني كل الشكر والتقدير على وفائك وحسن تعاطيك. وأحمد الله أن هذه الدنيا ما زال بها شهم كريم صادق مثلك. كل التقدير”.