في سبتمبر 2016 (وأنا خارج المدينة) تلقيت اتصال معايدة من أحد أبرز وجوه النخبة الثقافية في بلادنا، علمت خلاله أن مراسل التلفزيون الرسمي أشاد بالمعين الإيماني “الزَّلاَّل” (بتشديد الزاي واللام وفتحهما) الذي قال إن الحُجاج ارتووا منه في منى وعرفات وجَمْعٍ.
كان لمحدثي عجبا من يكتب ما لا يستطيع نطقه السليم ولا يفقه معناه، وأن توفد مؤسسة رسمية لمهمة بهذا الحجم من لا يعرف الفرق بين الزُّلال (بضم الزاي وتخفيف اللام، أي السائغ) وبين صيغة المبالغة من زل يزِل (زلق يزلق).
أما أنا فحمدت الله أولا على بعدي عن المدينة الذي حجب عني فضائح التلفزيون وشقائقه، وإن لم أعجب مما عجب منه محدثي الكريم، لعلمي أن المرء كثيرا ما يعبر عن نفسه – لأسباب نفسية- من حيث لا يشعر، ومن ثم فلا غرابة عندي أن يتحدث زَلاَّل عن صِيَغِ الزَّلَلِ باختلافها. ولعلمي أن الإيفاد في مثل هذه المهمة قد يتم لاعتبارات بعيدة عن الكفاءة، وأن التقارير كثيرا ما حررت في المكاتب وألقيت إلى الموفد عبر بريده الألكتروني فهَذَّها هذا، دون أن يفهم بعض مفرداتها، وأعذره لأنها ليست من إنتاجه!
على سبيل المثال كنت – منذ فترة- في مؤسسة إعلامية أوفدت مراسلا مع رئيس سابق إلى دولة عربية، ولم يوافنا بتقرير من جملتين طيلة الأيام التي قضاها هناك، ومع ذلك كان محررونا يعدون التقارير الوافية الشاملة – من مكاتبنا- باسمه ونيابة عنه، عن مختلف مراحل الزيارة الرئاسية اعتمادا على الشبكة الدولية، وربما طعمناها بمعلومة يتيمة فاه بها زميلنا أثناء مكالمة تركزت أساسا حول المصروفات وفخامة الفنادق وأشهى الموائد..