في مقابلة سابقة مع القناة الإماراتية “اسكاي نيوز عربي” سألني الصحفي المحاور عن مضامين مقالات سابقة لي، وكان من بينها مقال كتبته في يناير 2012، أي منذ عشر سنوات وشهور، وكان المقال بعنوان: “تعدد الزوجات.. صرخة في صمت العنوسة”، بينت من خلاله موقفي من التعدد؛ استنادا لبعض آراء الفقهاء والمفسرين، وهنا انحزت لضرورته نظرا لحاجة بعض النساء بسبب فقر وتخلف معظمهن؛ لأنهن ضحايا العنف الذكوري الذي ظل يستمد قوته من نظام عشائري بدائي، الشيء الذي جعل النساء فقيرات ومتخلفات، فاعتمدت على الرأي المنتصر للتعدد كعلاج لما تعانيه المرأة.
ومن خلال معالجة الموضوع بينت، اعتمادا كذلك على رأي بعض الفقهاء والمفسرين، أن المرأة ليست ملزمة بالتعدد لا سنة ولا ندبا، وأن التعدد يظل اختياريا بالنسبة لها، كلما آنست من نفسها حاجة إليه، وقدرة على تحمله.
وفي المقابلة الأخيرة لم أتنكر لرأيي السابق، لكنني خففت من تفاؤلي نحوه، وتركته في يد المرأة الناضجة الواعية بحقوقها، فهي وحدها من تحدد هل تقبل به أم لا؟ وليس للرجل صفة فرضه عليها انطلاقا من الآيات القرآنية.
فعلينا نحن اللواتي نتبنى حتى النخاع ضرورة العدالة الاجتماعية وتطوير المناهج العلمية، مع الحفاظ على
قدسية ديننا الإسلامي، والفصل بين المقدس وغير المقدس، أن نبين للمرأة الموقف الشرعي للتعدد، من خلال الأقوال الفقهية فيه، وذلك ما قادنا لرأي الشيخ محمد عبده المجدد النهضوي رائد الفكر الإصلاحي (ت 1905م)، الذي اعتبر أن التعدد يشترط فيه العدل، وينتفي بعدم وجود العدل، وهنا في نظر الشيخ محمد عبده يستحيل قيام التعدد نظرا لاستحالة العدل.
هذا ما ذهب إليه رجل الإصلاح، وهذا ما استدللت أنا به وعنيته في المقابلة السابقة.