الكاتبة والروائية عيشة بنت أحمدو: “ناموسة” حبيب ولد محفوظ التي أغضبتني (حوار)
حاورها: أحمد سالم ولد باب
لم أجد في ما قرأتُه للكتاب الموريتانيين، رغم كثرته، ما يُبْرِزُ خصوصية عاداتنا وتقاليدنا ومشاعرنا وعلاقاتنا الاجتماعية.. كان ما أقرأه يذكرني دائما بعمل أدبي آخر لكاتب عربي أو عالمي..
وما ينقص أعمال كتابنا، في نظري، هو تلك الدهشة التي يبعثها تصويرُ “المألوف” وتقريبُه، فيحس القارئ أن الكاتبَ يتحدث عنه أو عن أشخاص يعرفهم..
قرأتُ قبل أيام ترجمة لـ”قصة امرأة” للكاتبة عيشة بنت أحمدو؛ فكدت أصرخ (أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ).. وجدت فيها ما افتقدته في غيرها، كنت وأنا أقرأ كمن ينظر في مجهر (تلسكوب) فيكتشف أعضاء ومناطق في جسم كائنٍ حيّ لم يرها بعينه المجردة..
ذكرني ما قرأته لها من أشعار ووجدانيات بالكاتبة أحلام مستغانمي، فَأَسِفْتُ لأنها لا تكتب بالعربية..
وحين حاورتُها أدهشتني قدرتها الفريدة على التحليل والتفكيك.. تقدم لك دائما تفسيرا قريبا ومقنعا للظواهر الاجتماعية المختلفة.. إليكم نص الحوار:
هل لكِ أن تقدمي لنا تفسيرا للوضع المميز الذي حظيت به المرأة الموريتانية على امتداد تاريخها: السُّفور في سياق اجتماعي منقب، حرية الاختلاط بالرجال، التبراع، السيادة غير المنقوصة في بيتها، الحساسية المفرطة تجاه كرامتها…
إليكَ، أولا، هذا التفسير القريب، عندما كان مجتمعنا مجتمعا من الرُّحّل؛ كانت المرأة تضطر للبقاء وحيدة وقتا طويلا، في وقت يكون الرجال فيه خلف الماشية أو في طلب المعاش أو لقضاء شؤونهم المختلفة.. هذا الوضع جعل المرأة تتحمل مسؤولية كبيرة وأجبرها على التعامل مع أوضاع مختلفة.. تحمل المسؤولية هذا زاد ثقتها بنفسها وثقةَ الرجل بها، وجعلها تكتسب تلك الشخصية القوية في حضور الرجال.. شيئا فشيئا تراجعت وصاية الرجل عليها، لم تعد هناك ضرورة تدعو لهذه الوصاية.. اطمأن الرجل إلى أنها تستطيع تدبر أمرها بنفسها..
لا أستبعد أن يكون للرافد البربري والزنجي تأثيره في هذا الوضع أيضا.. أنت تعلم أن النظام الاجتماعي الأمومي كان سائدا في المجتمعات البربرية.. قبل فترة قرأت كتابا يتحدث عن العادات الاجتماعية عند بعض القبائل الكاميرونية، فوجئت بأن عادات “السحوة” عندهم تتطابق مع ما هو موجود عندنا..
يُخَيَّلُ إِلَيَّ أحيانا أن هذه المكانة المميزة – حتى بمعايير اليوم – قد تراجعت، هل توافقين؟
لا شك أنها تراجعت بعض الشيء…
(أقاطعها) ما سبب تراجعها؟
في مجتمعنا القديم كانت الأمهات هن من يتولين تربية النشء عموما، ذكورا وإناثا.. كانت تتم تربية الذكور على احترام الأنثى وتقديرها وإكرامها والسعي في رضاها.. وفي المقابل كانت البنات يتربين على مواجهة الرجل وعدم الانصياع لرغباته والتمنع ضدها..
في الوقت الحاضر تغير هذا.. إما لأن الحاضنات والمربيات هن من يتولين التربية، أو لأن الأمهات لا يجدن الوقت الكافي لتلك التربية الراقية..
أيضا، ربما كان لدعوات المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة دورها في ذلك، من الشائع أن تسمع الرجال في أيامنا هذه يقولون: ماذا تُرِدْنَ أكثر؟ أصبحتم مثلنا.. لا فرق بيننا..
لكن دعني أؤكد لك أنه حتى في ظل هذا التراجع، لا زال وضع المرأة عندنا أفضل من وضع نظيراتها في البلدان العربية والإسلامية.. مثلا للمرأة عندنا أن تدير أعمالها بنفسها وتتصرف في أموالها دون حَجْرٍ من أحد.. أضف إلى ذلك أنه بإمكانها أن تطالب بالطلاق إذا لم تعد راغبة في معاشرة الرجل، ويمكنها أن تتزوج بعد الطلاق أكثر من مرة، بل إن الزواج يكون أسهل عليها حينئذ.. هذه حقوق منحها الإسلام للمرأة، وقَبِلَ بها الرجل الموريتاني بخلاف غيره من الرجال المسلمين.. يتقبل الرجل عندنا تدخل المرأة في القضايا المصيرية وإبدائها الرأي فيها، كما يتقبل كلامها بين الرجال ومخاطبتها إياهم.. لا يجد الرجال عندنا غضاضة في هذا..
يبدو أن الكتابة بالفرنسية تتيح لكِ هامشَ حرية أكبر، هل تعتقدين أنك كنت ستكتبين بنفس الطريقة لو كتبت بالعربية؟
أتى عَلَيَّ حين من الدهر كنت أُصَنِّفُ القراء إلى صنفين: قراء بالعربية وقراء بالفرنسية، لكنني تخليت عن هذا التصنيف بعد تأمل وتفكير.. تصنيفي الحالي للقراء هو: قراء تابعوا دراساتهم في المدارس النظامية، وقراء قادمون من المحاظر.. القارئ الذي درس في المدارس النظامية لا فرق بينه وبين القارئ بالفرنسية، الفرق بينهما فقط في لغة الخطاب والقراءة.. أما المحظري فهو يختلف عنهما اختلافا جذريا؛ لأن مقياس القيم Echelle de valeurs عنده يختلف عن مقياس القيم لدى رواد المدارس الحديثة.. وبالتالي فهو يضع أمورا معينة في خانة “التابو”، بينما يراها هؤلاء عادية تماما.. وقد يصدم بأشياء، لا تحرك ساكنا عند أولئك.
تكتبين بالفرنسية لوصف مجتمع لا يتحدثها، هل تعتقدين أن وصفك سيكون موضوعيا.. أقصد أنك ربما تجنحين إلى كتابة ما يريده أو ينتظره قراؤك؟
لماذا؟ هذه الحالة شائعة.. أكثر الكتاب الأفارقة يكتبون بلغات لا تتحدثها شعوبهم التي يصفون.. المشكلة هنا تكمن فقط في تعسر ترجمة بعض المفاهيم والمصطلحات الثقافية؛ التي قد لا يتسنى نقلها وتوضيح معناها كما هو في اللغة الأصلية.
وعلى كل حال، لا يمكن اتهامي بأنني أكتب ما يريده أو ينتظره قرائي.. أكتب الواقع، أكتب ما أراه، ما أسمعه، وما يغذي خيالي الواسع.. لن تصدق أنني كنت أكتب لنفسي.. كنت أكتب لحاجة ورغبة وجدانية.. لم أفكر أبدا في نشر ما أكتبه.. مؤخرا اطلع عليه بعض الأصدقاء المقربين وحثوني على نشره.
يتسع صدر المجتمع إذا تم التعرض “للتابو” (المسكوت عنه) في قالب الشعر، ويضيق صدره إذا كان القالب جنسا أدبيا آخر كالرواية مثلا، ما السبب؟
مَبْنَى الشعر على الخيال حتى لو كان يتحدث عن قضايا واقعية، ولذلك فإن المتلقي ينظر إليه دائما من هذه الزاوية..
هل تجدين صعوبات في تقبل المجتمع للمواضيع التي تكتبين عنها؟
(تضحك).. فاجأني كثيرا أن المجتمع أُعْجِبَ بما أكتبه بل أَحَبَّهُ.. يبدو أن الناس يحبون اكتشاف ذواتهم وعاداتهم وتقاليدهم من خلال ما يقرؤونه.. لقد تعرف الكثيرون على أنفسهم أو على بعض معارفهم من خلال شخصيات الرواية أو القصص التي أكتبها..
في السياق الموريتاني، لا نشكو وحدنا – معاشر القراء بالعربية – أزمةَ “الوصول إلى العالَمية”. أنتم أيضا تُعَانُونَهَا، ما السبب؟
العامل الأول الذي نعاني منه في هذا الصدد هو عامل النشر.. أكثر أعمالنا غير منشورة، وما نُشر منها كان توزيعه محدودا جدا.
لكن إن كنت تقصد الجوائز العالمية؛ فدعني أؤكد لك أن عوامل كثيرة، غير الإبداع والقيمة الأدبية، تؤثر في الحصول عليها.. هذه العوامل منها ما هو سياسي ومنها ما هو ديني، ومنها غير ذلك.. هل تعلم، مثلا، أن أكثر دور النشر في فرنسا مملوكة لليهود، ولو كُتِبَتْ أَيُّ سخافةٍ يُنتقد فيها الإسلام أو يُمس منه، لسارع هؤلاء إلى نشرها.
في روايتي “لون الرياح” La couleur du vent، على سبيل المثال، حاولت أن أشرح وأصحح كثيرا من المفاهيم الخاطئة عن الإسلام والمجتمعات الإسلامية، مثل تعدد الزوجات وقضية الرق…
ساهمتِ في التعريف بجوانب مهمة من الأدب الموريتاني من خلال ما كتبتِه وما ترجمتِه، هل تعتقدين أن ذلك ساهم في التعريف بموريتانيا؟ وما مدى ذلك؟
ألتقي كثيرا بغربيين في العالم الواقعي والافتراضي؛ يبدون إعجابا كبيرا بما أكتبه.. راسلني بعضهم، والتقيت بالبعض الآخر في أماكن مختلفة.. أحيانا أكون في محل تجاري فيتعرف عَلَيَّ بعضهم، فيسرع إلي قائلا: هل أنت فلانة الكاتبة؟ كم أنا سعيد بلقائك..
حدثتني الدكتورة مدام شريف أنها تحرص على أن تقرأ لي قبل النوم، ولذا فهي تضع كتابي على سريرها دائما..
عموما، ما كتبته ساهم حتى بتعريف بعض مواطنينا الزنوج بتقاليدنا وعاداتنا.. منذ وقت قريب زارني الأستاذ الجامعي مامادو با في إطار مشروع لدمج بعض أعمالي في المقررات الدراسية الجامعية؛ يعمل عليه الأستاذ الجامعي الفرنسي “مانويل” بالمدرسة العليا للتعليم L’ENS.، وقد أخبرني أنه تعرف على كثير من تقاليد البيضان وعاداتهم، التي كان يجهلها، من خلال ما كتبته..
مع ذلك فإنني أعتقد أنه لو اتسع هامش النشر والتوزيع لتعرف الكثيرون على موريتانيا وعلى أدبها وعاداتها وتقاليدها..
يشاع في أدبيات الاستشراق Orientalisme أن سِرَّ وَلَعِ الغربيين بالآداب الشرقية هو ما يسمى بـ”سحر الشرق”.. بعبارة أخرى فإن القيمة الأدبية والإبداع قد لا يكون هو دافع الغربي إلى قراءة ما تكتبونه، بل الشوق إلى استكناه ذلك المجهول الساحر.. ما رأيك؟
هذا صحيح في جانب منه، وهو أن الغربيين يتملكهم حب الاستطلاع تجاه الشرق، لكن ليس صحيحا أنهم لا يقرؤون تراث الشرق إلا لهذا السبب، الإبداع والقيمة الأدبية، وحدهما، هما ما يدفعان إلى قراءة الأعمال الأدبية.
كيف تلقى القارئ الفرنسي ما تترجمينه؟
أصادف هؤلاء كثيرا في الشارع والمحال التجارية والمركز الثقافي الفرنسي، وكلهم ينوه بما أكتبه ويبدون إعجابهم به.. ومؤخرا التقيت بكاتبة من جزر الرأس الأخضر؛ أبدت إعجابا كبيرا بروايتي “لون الرياح” La couleur du vent. بعضهم اندهش لأنه وجد أن لدينا مشاعر وعواطف نعبر عنها تعبيرا جميلا.. كانت الفكرة السائدة لديهم عنا أننا شعب من أجلاف البدو، لا أحاسيس ولا عواطف لدينا (تضحك).
ما هي خصوصية “لغن” و”التبراع” التي تميزه عن غيره من الأجناس الأدبية؟
أعتقد أن “التبراع” وحده هو الذي يملك خصوصية تميزه عن الأجناس الأدبية الأخرى، وتلك الخصوصية تتمثل في ثلاثة أمور: أولا: شكله المكون من “تَافِلْوِيتَيْنْ” لهما نفس الفاصلة وغير متساويتين؛ أولاهما خمس متحركات والثانية ثمانية،.. ثانيا: كونه خاصا بالنساء.. ثالثا: أنه لا يوجد إلا في المجال البيضاني.
هل تعتقدين أن تلك الخصوصية تؤهله للعالَمية؟
أعتقد أن تلك الخصوصية قد تجلب له كثيرا من المعجبين والمهتمين والدارسين من مختلف أنحاء العالم.
هل لك أن تقدمي لنا نماذج من ترجمتك للتبراع..
إليك هذه النماذج:
يَبَالِي لا تغلط = ذَلاَّهِ تَخْلَطْ ما يخلط
Attention mon cœur = tant d’amours feraient ton malheur
هذا نموذج آخر:
وَالاَّ عين ابْرَه = لُو رَيْتُو مِنُّو نِسَّگْرَه
Un mot et pour de vrai = Dans ses bras, je retombera
وأيضا:
يا مِنْصَابْ الروس = عادت الا زرگت دبوس
Faites qu’en réalité = toute la Russie soit à côté
ما السبيل إلى إصلاح التعليم في نظرك؟
أعتقد أن أكبر تحدٍّ يواجهه التعليم عندنا هو مشكلة الضعف اللغوي، لا أقصد العربية وحدها ولا الفرنسية وحدها.. أقصد اللغة عموما.. وبرغم أن تكويني ليس أدبيا، فأنا أستاذة علوم، إلا أنني أرى أن التركيز على اللغة سيحل جزء كبيرا من إشكال ضعف التعليم.. لدينا تدهور لغوي مخيف.. لا يعاني منه التلاميذ وحدهم، بل حتى كثير من الأساتذة يعانون منه رغم مستواهم العلمي الجيد.
أعتقد أيضا أن التكوين المستمر للأساتذة ضروري من أجل تحسين القدرات وتلافي القصور.. لا بد أيضا من تحسين الوضع المادي للمدرس، لكي يتمكن من التفرغ التام لمهمته.. التدريس مهنة تحتاج إلى التفرغ التام لها.. إذا لم يتحسن مستوى المدرس المادي فسيبقى في نفس الوقت سائق تاكسي وناظر محل تجاري وسَاعٍ إلى لقمة العيش بمختلف الوسائل…
تنبغي أيضا مراقبة التعليم الخاص مراقبة صارمة.. يجب أن نوقف الفوضى في هذا المجال.. لا يمكن أن نفتح هذا الباب لكل من هب ودب.. يجب أن نحافظ على المدارس الخاصة الجيدة بل وندعمها، ونغلق المدارس الأخرى..
ما رؤيتكِ لدعم الوحدة الوطنية وتوطيدها؟
نعاني في هذا المجال من “مشكلة تواصل”.. أكثر سوء الفهم والأفكار الخاطئة مرجعه إلى ضعف أو انعدام التواصل.. التواصل هو السبيل إلى معرفة الآخرين على حقيقتهم وتصحيح الأفكار الخاطئة عنهم..
أعتقد أيضا أن القضاء على مخلفات الرق عامل مهم في دعم الوحدة الوطنية.. لا بد من توفير تعليم جيد ومسكن لائق وفرص شغل لهؤلاء.. لا بد من التكفل التام بالعاجزين منهم.. يجب أن نفهم أن المسألة هنا هي مسألة حاجة وفَاقَةٍ وكرامة، إذا سُدَّت الحاجة واستُعيدت الكرامة؛ تصفو النفوس وتنمحي الأضغان.. لذا أرجو أن لا يكون القيام بهذا مجرد شعار سياسي.. لا بد أن نقوم بذلك بصدق وإخلاص ورغبة حقيقية في نجاح هذا الأمر..
متى بدأتِ الكتابة؟
لا أذكر جيدا، لكن أستطيع أن أؤكد أنني مارستها منذ وقت مبكر.. أذكر أنني كتبت الشعر وبعض المقالات في المرحلة الإعدادية..
مارستِ الصحافة أيضا منذ نشأتها بداية التسعينات.. أليس كذلك؟
بلى، لكن لا يمكنني أن أقدم نفسي كصحفية.. أنا كاتبة وشاعرة بالدرجة الأولى، وحتى حين كتبتُ للصحافة؛ فقد كان ذلك لحاجة نفسية ورغبة وجدانية، لم أكن أكتب “تحت الطلب” sur commande.. في تلك الفترة كتبتُ مقالات في النقد الاجتماعي الساخر بأسماء مستعارة أذكر منها “نوره” و”محجوبه”، تناولت مواضيع من قبيل العلاقات الاجتماعية بين الأزواج والأصهار والحياة العائلية.. أذكر أن المرحوم حبيب كان يضحك ويعجب كثيرا بما أكتب..
ربطتك علاقة وطيدة بالمرحوم حبيب ولد محفوظ حين كنت تكتبين في Le Calame، حدثينا عن تلك الذكريات..
كان حبيب رحمه الله إنسانا عبقريا بما في الكلمة من معنى.. كانت لحبيب شخصيتان: حبيب الكاتب وحبيب الإنسان العادي.. حبيب الإنسان العادي كان شخصا خجولا.. منطويا.. حزينا.. عندما تقرأ له لا تكاد تصدق أنه صاحب ذلك القلم الجسور، اللاذع، الساخر.. كتب مرة مقالا تحدث فيه عن بعوضة (ناموسة) متناهية الصغر، فغضبتُ واتهمته بأنه يقصدني، فقد كنت حينها صغيرة.. اعتذر حبيب بشدة ونفى أنه يقصدني.. أخبرني الأستاذ محمد فال ولد عمير أنه لقيه بعد ذلك فوجده في غاية الحزن والضيق لأنه أساء إلي من حيث لا يقصد أو يشعر..
زاملتِ أيضا الوزيرة هند بنت عينين أيام القلم..
علاقتي بهند أكثر من علاقة زمالة.. بل أكثر من علاقة صداقة.. كانت هند لي أختا وصديقة في أوقات صعبة.. منذ وقت طويل كانت تلعب دور الحامية والراعية لي، فقد كانت امرأة قوية، وكنت امرأة هشة بسبب عاطفيتي المفرطة.. هند امرأة مثقفة، نبيلة الروح كريمتُها، وفية، لا تزال إلى الآن، رغم تقلدها للوزارة، تواظب على زيارتي.. ونمارس الرياضة معا..
هل كانت الصحافة في ذلك الوقت مصدرا للأخبار أم للتحليل؟
الاثنين معا.. كانت مصدرا للأخبار والتحليل معا.. كانت وسائل الإعلام محدودة جدا.. تلفزيون يتيم، إذاعة واحدة، صحف ورقية محدودة الانتشار، كان الناس يقرؤون الصحف الورقية فيجدون فيها الخبر والتحليل جنبا إلى جنب.. وكانت للصحافة في تلك الأيام مكانة ومصداقية لا تملكها اليوم..