تفاجأ “أعمر”، الذي يتردد على سوق المواشي منذ يومين من أسعارها الباهظة، ورغم أنه لا يبحث إلا عن أوصاف معقولة، وأحجام متوسطة، حسب قوله، فقد أعياه العثور على أضحية مناسبة، بسعر في وسعه.
لا يخفي “أعمر” انزعاجه، وهو المُصِر على شراء أضحيته، وتأدية شعيرة من شعائر الإسلام، يتقرب بها إلى الله، ويُدخل بها الفرحةَ على أبنائه الصغار، وينتقد ما يسميه “غياب السلطات، وتقاعسها عن ضبط الأسعار في السوق التي تشهد فوضى عارمة هذه الأيام، والتي لا تناسب القوة الشرائية لغالبية سكان نواكشوط”، حسب تعبيره.
في عيد الأضحى الماضي تراوح سعر الخراف من المتوسط إلى الجيد من 40 إلى 50 ألف أوقية، بينما لم يتعد سعر الأجود منها 60 ألف أوقية.
أما هذه السنة فيقول الباعة، في سوق “المربط” بمقاطعة الميناء، إن الأسعار مرتفعة جدا مقارنة بالعام الماضي، مؤكدين أنها ستتضاعف مع دخول اليوم التاسع، حين يشهد السوق إقبالا جيدا من سكان العاصمة، حسب قول التاجر في نفس السوق “أحمد”.
ويضيف أحمد، وهو يهش بعصاه على غنمه المتبعثرة بين آلاف القطعان، مبررا ضعف الإقبال في هذه الأيام: “سكان نواكشوط لا يشترون أضحياتهم إلا أيام العيد؛ إذ يشترون ويذبحون أضاحيهم مباشرة، مما يوفر عليهم جهد نقلها وحفظها من السرقة عند ربطها في المنزل”.
ارتفاع متواصل
في اليوم الرابع من أيام عشر ذي الحجة كان أدنى سعر تصل إليه الأضحية في سوق المربط بالميناء 50 ألف أوقية، ويقفز سعر بعضها إلى 90 ألف أوقية، لكن من النادر أن يلامس سقف ال100 ألف أوقية.
ورغم أن موريتانيا تمتلك 20 مليون رأس من الغنم، إلا أنه يتوقع أن تستمر أسعار الأضاحي في الصعود، خصوصا بعد هطول الأمطار في الأسبوعين الماضيين على الأراضي الموريتانية بغزارة، فقد ارتاح المنمون وتنفسوا الصعداء، وانزاح عنهم شبح جفاف مخيف كان يلوح في الأفق.
يقول “محفوظ”، وهو منم قدم من الحوض الشرقي لبيع قطيعه الذي يضم كباشا ضخمة رفض بيعها ب75 ألف أوقية، إن سبب ارتفاع الأسعار هو الجفاف الذي خرجنا منه، والتكاليف التي نتجت عنه.
ويؤكد “محفوظ”: “منذ أشهر ونحن نقدم لها القمح ومكه، ونشتري لها الأعلاف بأثمان باهظة، مضيفا أن المنمين لا يمكنهم أن يتحملوا الخسارة وحدهم، وأن جميع ما في السوق من الأغنام سبق للمنمين دفع ثمنه من الأعلاف.
تصدير رغم النقص الملحوظ!
يقول الباعة إن الأغنام هذه السنة لم تدخل السوق بالأعداد المعهودة في الأعوام الماضية، فهناك نقص حاد في المواشي بسبب الجفاف الذي ضرب البلاد، وهو ما أثر سلبا على أسعارها، إضافة إلى أن موريتانيا قامت بتصدير أعداد كبيرة منها لجارتها الجنوبية.
ولجأت السنغال في الأشهر الماضية إلى موريتانيا لتوفير الأضاحي لشعبها، ووقعت اتفاقية لاستيراد 250 ألف من الكباش من موريتانيا لتلبية 70% من حاجياتها من الأضاحي.
وتزخر موريتانيا بسلالات متنوعة من الأغنام (الضأن والماعز)، ولكنها تأثرت بموجات جفاف شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة نتيجة تواصل احتباس الأمطار.