زار أحد أعضاء فريق موقع “إحاطة” بعضَ المعارض الفنية التي أقيمت في الآونة الأخيرة، وقد لفت انتباهَه رسومات ولوحات فنية، وَقَّعَهَا صاحبُها بتوقيعٍ شَبِيهٍ في بعض أجزائه بالكلمة الإنگليزية السائرة Ok.
كانت المفاجأة أن صاحبة اللوحات والرسوم فتاةٌ في العشرينيات من عمرها، تدعى أم كلثوم أمينُ، وهي كريمة الإمام والداعية المعروف، عبد الله ولد أمينُ، إمام وخطيب “جامع الإخلاص” بتنسويلم.
درست أم كلثوم المرحلة الابتدائية في مدرستي “السلام” و”المنهل”، والمرحلة الإعدادية في إعدادية دار النعيم رقم 1، التي لا تبعد كثيرا عن مسجد والدها، وفي المرحلة الثانوية تنقلت بين مؤسسات: ثانوية البنين، والعروة الوثقى، والإصلاح.
وهي الآن طالبةٌ جامعية حريصة على إكمال دراستها في تخصص اللوجستية والنقل بالمعهد الجامعي المهني IUP، رغم أنها تفكر في احتراف الرسم أيضا، أو لا ترى في ذلك ضَيْرًا على الأقل!
تقول أم كلثوم إنها لم تتعلم الرسم، بل كان شغفا لديها منذ الصغر، وهي لا تذكر مجالا فنيا جعلها تميل له عدا اهتمام والدها بتعليمها الخط.
اكتشف شقيقُها أحمد، الرسام وخبير الإنتاج التلفزيوني، شغفها بالرسم وميلها إليه، فساعدها كثيرا في تطوير هذا الشغف إلى موهبة.
وتضيف: وقد شجعتني والدتي دائما على الرسم في مرحلة الصغر.
وجدت أم كلثوم في الرسم طريقة للتعبير، وتذكر في هذا الصدد أن أول مراحل تطويرها لرسوماتها كانت في عام 2005، أيام انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من غزة: “كنت أرى اهتمام أهلي بالحدث، ورغم صغر سني أردت أن أعبر أيضا عن اهتمامي به من خلال رسم عشرات الصور لمجاهدي القسام وهم في وضعيات قتالية شتى”.
ومنذ تلك الفترة اتسعت المساحة التي تحتلها القضية الفلسطينية، والمسجد الأقصى، والمقاومة ورجالها، في رسومات أم كلثوم.
لا يحصر رسومات أم كلثوم أُفُقٌ ضيق؛ فقد رسمت والدها الداعية عبد الله ولد أمين، والشيخ الددو، والسياسيين الموريتانيين، ورسمت براءة الطفولة، ومذيعات الجزيرة الشهيرات، والوجوه التي تجسد التنوع العِرْقي في موريتانيا، بل رسمت نفسها كذلك…
في سنة 2014 انتسبت أم كلثوم لـ”جمعية الفتاة للتوعية والتربية”، فكانت على موعد مع أكبر حاضنة وجدتها حتى الآن لموهبتها: تطويرا وتشجيعا، كما تقول.
غير أنها لا تنسى أيضا فضل زملائها في جمعيتي AJAM وAJTM في تنمية موهبتها.
كم تستغرق أم كلثوم في رسم اللوحات والبورتريه؟
“البورتريه عادة يستغرق وقتا أطول، فلا يمكنني رسمه في أقل من 5 ساعات، وقد تصل مدة رسمه إلى 20 ساعة على مدار أيام”.
“أما لوحات الطلاء فتختلف: فالزيتية منها أرسمها في أكثر من 20 ساعة، وذلك لصعوبة دمج ألوانها وجفافها، أما الاكريليك فيمكن إنهاؤه في ساعات قليلة، قد لا تزيد مثلا على 5 ساعات”.
أما الوقت المفضل للرسم عند أم كلثوم فهو المساء أو الليل؛ فهي أوقات هدوء بالنسبة لها.
ورغم أنها ترسم منذ 20 سنة إلا أنها لا تزال تَعُدُّ نفسَها هاوية.
بيعت بعض لوحات أم كلثوم، لكنها تجد أن الأسعارَ التي بيعت بها عادية، غير أنها لا تَحْفِلُ بذلك كثيرا، فيكفيها من الرسم ما يتيح لها من طرائق التعبير، وإيصال ما ترغبه من رسائل.
تأسف أم كلثوم على أنها لم تستطع حتى الآن المشاركة في أي معارض خارجية، وتقول إنها لن تتردد في المشاركة فيها متى دُعِيت إليها.
لا توافق أم كلثوم على أنه لا يوجد في موريتانيا جمهور مهتم بالرسم، بل تؤكد أنها تصادف كثيرا من المهتمين به والمحبين له، بل كثيرا ما قابلت أشخاصا اعتزلوا الرسم في مرحلة عمرية ما لأسباب مختلفة!
ترى الفنانة الصاعدة أن الموريتانيين يميلون وينجذبون أكثر إلى فن “البورتريه”، وهي لا تجد تفسيرا واضحا لذلك سوى ميلهم للبساطة وعدم التكلف.
ترفض أم كلثوم الانتقادات الحادة التي توجه إلى الفن التشكيلي، قائلة إنه مجال واسع جدا، وما يوصف منه بالغموض عادة هو الفن السريالي والتجريدي… مع أن هذه المدارسَ تحديدا تشهد لوحاتُها إقبالا في المعارض أكثر من لوحات المدرسة الكلاسيكية!