حواراتالأخبار

القارئ والخطاط محمد الأمين السملالي: اهتمامنا بالرسم القرآني مما نتفوق فيه على المشارقة وهذه أسبابه

أجرى المقابلة: أحمد سالم بن زياد

انتقد القارئ والخطاط الدكتور محمد الأمين السملالي ما سماه “تقصير المؤسسات الرسمية، وعدم استشعارها المسؤولية في الرفع من اسم هذا الوطن في مختلف المحافل الدولية”، موضحا أن إلقاء نظرة على مشاركات قرائنا في المسابقات الدولية، توضح أنهم لا يجدون من الدعم والحشد والاستقبال عُشر ما يجده الشعراء مثلا.

وأرجع الدكتور السملالي قلة المصاحف عندنا إلى عامل إيجابي، وهو انتشار الحفظ المتقن لكتاب الله، والحرص على أن يظل الاعتماد على الصدور لا على السطور، مستدلا على ذلك بأن مشايخ المحاظر يكرهون للطالب أن يُرى في يده مصحف، وفي بعض المناطق تبقى تلك معرة تلاحق صاحبها، وتَصِمه بضعف الحفظ ونقص الإتقان.

وفَسَّرَ السملالي، في مقابلة شاملة أجراها معه الزميل أحمد سالم بن زياد، ظاهرةَ تركيز الموريتانيين على الرسم والضبط على حساب التجويد بأنها “مما أخذناه عن المدرسة المغربية، وهو يعود في الحقيقة إلى ظاهرة إيجابية؛ ألا وهي كونُ المغاربة والأندلسيين ظلوا أكثر تمسكا بما كان عليه المتقدمون من التزام الرسم العثماني والعناية به في المصاحف والألواح، بينما نجد المشارقة قد تخلوا عن ذلك في وقت مبكر، وانتشرت فيهم المصاحف المكتوبة وفق الإملاء القياسي.. ولم يُصَحَّح الوضع إلا قريباً، عند بداية طباعة المصاحف في مصر”.

وحذر السملالي من أن وضع الخط في بلادنا “ليس على ما يرام”، لافتا إلى غيابنا عن الفعاليات الدولية، التي تقام للخط العربي في كل مكان، والتي تشارك فيها جميع الدول ومنها الدول المحيطة بنا، ومنها دول غير إسلامية حتى.

وأعرب السملالي عن أسفه على أن “جائزة الفنون” التابعة للرئاسة، والتي أعلنت مؤخراً، لم تتطرق للخط العربي، الذي هو أسمى الفنون الإسلامية، رغم أنها تطرقت للفن التشكيلي.

وقبل أن نحيل القارئ إلى النص الكامل للمقابلة؛ نقدم بين يدي ذلك تعريفا موجزا بالقارئ والباحث والخطاط الدكتور محمد الأمين السملالي:

هو محمد الأمين بن محمد المختار، من مواليد العقد الأول من القرن الهجري الحالي، حاصل على إجازات محظرية، في مختلف المتون التي تدرس في المحاظر، وحاصل على شهادات جامعية في الأدب والشريعة، تُوِّجَتْ بشهادة الدكتوراه في علم القراءات، من جامعة محمد الخامس بالرباط.

له مشاركات في بعض العلوم والفنون، من قبيل: الشعر، والخط العربي، والتجويد، وله اهتمام خاص أيضاً بالتصويب اللغوي وعلم المعاجم، وهو عضو اتحاد الأدباء الموريتانيين، وعضو الاتحاد العالمي للخط العربي والزخرفة الإسلامية.

إحاطة: أهلا بكم فضيلة الدكتور، أم نقول القارئ، وقد انتشر لكم مقطع قرآني خاشع في الفترة الأخيرة؟

ومن ذا الذي يعدل بالنسبة القرآنية أيّ نسبة أو وصف؟! وإن كنت لا أرى نفسي إلا مُقَصِّرًا في حقه، نسأل الله التوفيق والإخلاص، أما الدكتوراه فأحمد الله أنها أيضاً إنما تعزز ذلك الجانب وتؤكده.

إحاطة: ماذا عن “أغَبّاد” موضوع الساعة؟

أظن أن الفضل في إحياء “موضوع الساعة” المذكور، إنما يرجع أساسا إليك أخي القارئ والشاعر – وغيرَها من الأوصاف – أحمد سالم زَيّاد، حفظك الله.. وفي رأيي الخاص فالموضوع يستحق الاهتمام، و”آغَبّاد” – كما لا يخفى – لفظة معرّبة أو “مُحَسَّنةٌ”، ربما عن الصنهاجية، تحيل إلى نمط التلاوة المحبّرة في اصطلاح أهل هذه البلاد، ولعل مقابله في المشرق هو “المقامات”، وفي المغرب وتونس يقولون “الطّبوع”.

المهم أن لكل قوم أنماطهم في تحبير كتاب الله والتغني به، وهذا يجب أن يعدّ ثراءً وتنافساً محمودا في العناية بهذا الكتاب العظيم، وإن كنت لا أدعو إلى الانغلاق، فإني أعتقد أن على أهل كل قطر أن يعتنوا بالحفاظ على ما ورثوه من الخصوصيات في مجالات المعارف والفنون الإسلامية، وقد قال إمامنا ابن عبد البر في التمهيد: (فَكُلُّ قَوْمٍ يَنْبَغِي لَهُمُ امْتِثالُ طَرِيقِ سَلَفِهِمْ فِيما سَبَقَ إلَيْهِمْ مِنَ الخَيْرِ، وسُلُوكِ مِنهاجِهِمْ فِيما احْتَمَلُوا عَلَيْهِ مِنَ البِرِّ).

إحاطة: لماذا، وأنت العارف بالمقامات النغمية، لم يكن هناك “أغبّاد موريتاني” ينافس التلاوة المصرية والخليجية والعراقية والسودانية؟

قضية “المنافسة” يجب أن نتناولها بشيء من الحذر، فكما قلت يجب أن يُنْظَرَ للموضوع بنوع من القدسية، لتعلقه بكتاب الله تعالى، الذي هو عنوان الوحدة بين المسلمين. نعم إذا كان التنافس خاليا من الخلفيات “الوطنية” الضيقة، فهو محمود ومَجْلَبَة للفخر.. لكن مشكلة المنافسة بيننا وبين الشعوب العربية الأخرى وخصوصا في المشرق، ستظل مشكلة مزمنة، لأنها يتحكم فيها عاملان؛ أحدهما “معادلة المركز والأطراف”، وهذه لا تخدمنا، فنحن في أقصى الأطراف جغرافيا، ونحن كذلك أيضا عدديّاً، إذا أردنا المقارنة. أما العامل الثاني فهو تقصير مؤسساتنا الرسمية، وعدم استشعارها المسؤولية في الرفع من اسم هذا الوطن في مختلف المحافل الدولية. ولا أَدَلَّ على ذلك من إلقاء نظرة على مشاركات قرائنا في المسابقات الدولية، فهل يجدون من الدعم والحشد والاستقبال عُشر ما يجده الشعراء مثلا؟!

إحاطة: هل موقف المدارس الموريتانية من تنغيم التلاوة واحد، أم يختلفون؟

يبدو لي – حسب اطلاعي المحدود – أن موقفها إن لم يكن موحدا، فلا يختلف كثيرا.. وذلك الموقف يميل إلى العفوية في الأداء، واقتفاء الطبع العادي لكل قارئ، مع الفرار من أي صبغة “تقعيدية” في النغم، حتى لا يكون في ذلك تشبيه للقرآن بالغناء الذي يدرس وفقا قواعد السلم الموسيقي المنضبطة.

إحاطة: قلتم مرة أنكم أعرف بالمقامات الشرقية منكم بالموسيقى المحلية، أليس الكل موسيقى، أم أن “مغنية الحي لا تطرب”؟

نعم؛ الكل نغَمٌ ولا أقول موسيقى، لكن هذا السؤال يعيدنا إلى جدلية “المركز والأطراف”؛ فالثقافة المشرقية عموما تفرض نفسها، بقوة الإعلام وكثرة الأعلام.. والمقاماتُ المشرقية موجودة على الانترنت بشروح وافية، ويمكن لأي كان أن يشارك في دورة للمقامات عن بعد في مصر أو العراق أو غيرهما.

أما عندنا فحتى لو رغبت في تعلم القواعد النغمية (مجردة عن الموسيقى) فلن تجد؛ لأن القاعدة تقول: “إن معلم القرآن ليس صديقا لمعلم الأنغام”.

ولا شك أن هناك بعض التجارب الموفقة مثل تجربة الشيخ أحمد ولد محمد فال، وهي قد ألهمت الكثيرين، وصارت “علامة مسجلة”.. وأنا معجب بها للغاية، لكن الطريقة المشرقية لا ينبغي أن تكون غريبة علينا أيضاً، فنحن على كل حال نشترك مع المشارقة في العروبة أيضاً.

إحاطة: متى بدأتم الاهتمام بالتجويد خارج المدرسة التقليدية؟

كان ذلك إبّانَ الدراسة العليا في المغرب؛ حين تعرفت إلى بعض الزملاء من القراء المجوّدين، وحضرت معهم الأمسيات القرآنية، ووجدت أيضا حينها دفقا هائلا من “حفلات” القراء المصريين، التي كانت تباع على الأقراص المضغوطة.. فبدأت أتذوق الطريقة المشرقية التي سحرني بعض أعلامها.. ومن فرط شغفي بالشيخ الشحات محمد أنور رحمه الله، كنت في مرات عديدة أذهب إلى “مقاهي الانترنت” فقط لكي أستمع إلى ما ينشر من جديد تلاواته في “منتديات القرآن” التي كانت منتشرة حينها.

إحاطة: فزتم بمسابقة التلفزيون الوطني، حدثني عن تلك التجربة؟

كان ذلك في سنة 2006، حين جئت في الإجازة الصيفية، فعلمت أن وزارة الشؤون الإسلامية ستُجري مسابقة لاختيار قارئين؛ أحدهما يسجل مصحفا للتلفزيون برواية ورش، والثاني يسجل مصحفا للإذاعة برواية قالون.

وشاركت في المسابقة، التي مرت بمرحلتين، وفي النهاية فزت بالمركز الأول، لكي أسجل مصحف التلفزيون.

وعندما بدأنا العمل، شعرت من البداية أن الأمر لا يسير على ما يرام.. فقد حاولت إفهامهم ضرورة التمهل وإعطاء المشروع حقه من العناية، وكنت أشرح لهم أن الشيخ الحصري – على جلالة قدره – كان في تسجيلاته لا يسجل في اليوم أكثر من أربعة أثمان على أكثر تقدير، فما بالك إذا كانت الرواية لورش، وهو المعروف بأمداده الزائدة.. لكني من خلال عدة جلسات لاحظت أن القوم مستعجلون للغاية، وطريقة التسجيل والمونتاج والوقت المخصص، كلها وجدتها غير مناسبة، وفي الوقت نفسه كانت ظروف الدراسة تقتضي مني السفر، فتوقف المشروع نظرا لتلك الأسباب مجتمعة.

إحاطة: متى تسجل ختمة، وما معاييرُك؟

لا شك أن الرغبة موجودة نسأل الله التوفيق، لكن مع كثرة الاطلاع على التسجيلات القرآنية وما فيها من إشكالات، ومع تزايد المشاغل الشخصية وظروف الاغتراب، سيبقى الأمر مؤجلا إلى حين، لكن إذا يسر الله فإن المعايير التي أراها ضرورية، لي ولغيري، تتكون من عدة عناصر: أهمها: مستوىً من التفرغ، والأوْلى أن يكون تفرغا تاما مدةَ المشروع، من أجل التحضير الجيد لكل حصة تسجيلية. والثاني: وجود لجنة مراقبة على غرار لجنة طباعة المصحف، تحضر دائما في الاستديو، وتساعد القارئ في تقويم تلاوته، قرائيا ونغميا. وأخيرا ضرورة توافر تجهيزات صوتية على مستوى عال من الدقة والصفاء.

إحاطة: حدثنا عن الواقع القرآني قديما وحديثا؟

هذا سؤال واسع للغاية، ولكن بشيء من الاختصار يمكن أن نقول: إن واقع القرآن في هذا العصر يمكن أن يعد جيدا للغاية، نظرا لانتشار الاهتمام بالقراءات القرآنية، وتحقيق كتب القراءات ونشرها، وكذا وفرة المسابقات القرآنية، في الحفظ أو في التجويد.

أضف إلى ذلك توافر المصاحف المسجلة للقراء المتقنين المميزين.

لكن في المقابل هناك مشكلة أيضا تتزايد في هذا العصر، وهي الانفلات الزائد الذي وفرته شبكة الإنترنت، فقديما لم يكن باستطاعة أي قارئ أن يذاع صوته على الجمهور إلا بعد المرور بعدة اختبارات، والحصول على تزكية كبار القراء، أما الآن فصار كل من هب ودب يسجل وينشر، وهناك مصاحف كاملة تستحق أن تمنع من التداول، ومنها ما يسمى “مصاحف التراويح”؛ لأنها لا تقدم النموذج المثالي لكتاب الله، وفيها الكثير من التقصير! لكن الأمر صعب للغاية، ويحتاج إلى مرصد دولي للقرآن الكريم، يكون متابعا لكل ما ينشر، ولديه التحويل الكافي للمتابعة.

إحاطة: هل لندرة المصاحف علاقة بتركيز المجازين على الرسم والضبط أكثر من الأداء؟

أظن أن قلة المصاحف عندنا ترجع إلى عامل إيجابي، وهو انتشار الحفظ المتقن لكتاب الله، والحرص على أن يظل الاعتماد على الصدور لا على السطور، ويدل على ذلك أن مشايخ المحاظر يكرهون للطالب أن يرى في يده مصحف، وفي بعض المناطق تبقى تلك معرة تلاحق صاحبها، وتصِمه بضعف الحفظ ونقص الإتقان.

أما التركيز على الرسم والضبط، فهو مما أخذناه عن المدرسة المغربية، وهو يعود في الحقيقة إلى ظاهرة إيجابية؛ ألا وهي كونُ المغاربة والأندلسيين ظلوا أكثر تمسكا بما كان عليه المتقدمون من التزام الرسم العثماني والعناية به في المصاحف والألواح، بينما نجد المشارقة قد تخلوا عن ذلك في وقت مبكر، وانتشرت فيهم المصاحف المكتوبة وفق الإملاء القياسي.. ولم يُصَحَّح الوضع إلا قريباً، عند بداية طباعة المصاحف في مصر.

إحاطة: وأنتم الخطاط المشارك؛ كيف تصفون وضع الخط العربي في البلد؟

الخط العربي في حقيقته مظهر آخر من تجليات الجمال والإعجاز القرآني، فهو تجويد مكتوب، كما أن الترتيل تجويد مسموع.. ويقولون: إن الخط هو موسيقى العيون.

والخط العربي ارتبط في جميع مراحله بالقرآن الكريم، وبذلك نال قدسيته ونال إعجازيته، فهو الخط الوحيد الذي يعد فنا قائما بذاته وفي كل نوع منه تتجلى مظاهر الإبداع والابتكار في صور غير متناهية.

أما عن وضع الخط في بلادنا، فلا يمكن القول إنه على ما يرام، بل من المؤسف أن أجد الفعاليات الدولية التي تقام للخط العربي في أي مكان، وفيها المشاركات من جميع ومنها الدول المحيطة بنا كلها، ومنها دول غير إسلامية حتى، ولكن دائما نحن الغائبون.

ومن المؤسف أن أرى في أحيان كثيرة شبابا لديهم الموهبة الفنية التي تحتاج الرعاية والدعم، ولكنهم لا يجدون من يوجههم أو يهتم بهم فتضيع الموهبة وتخبو مع الزمن.

ومما يؤسف له أن “جائزة الفنون” التابعة للرئاسة والتي أعلنت مؤخراً، لم تتطرق للخط العربي، الذي هو أسمى الفنون الإسلامية، رغم أنها تطرقت للفن التشكيلي.

إحاطة: هل هناك ما يميز الخط الموريتاني عن الخط المغربي حتى يصح فصله عنه؟

نعم، الخط الشنقيطي جزء من الخط المغاربي عموما، ولكن له ما أسميه “السِّمات” التي تميزه عن شقيقه المغربي، وبعد الكثير من المقارنات لاحظنا أن تلك السمات في الغالب تعود إلى الرافد الأندلسي، فالشنقيطي إذن وريث الخط الأندلسي..

ونحن في مركز ابن مقلة نعكف على مشروع إخراج كراسة للخط الشنقيطي “المبسوط” أو “خط المصاحف”؛ تظهر فيها بجلاء تلك الاختلافات التي تميزه عن صنوه المغربي.

وقد حاولتُ في بعض اللوحات أن أقدم الخط الشنقيطي بأسلوب تركيبي يعيده إلى تلك الأصول، التي بقي فيها تأثر واضح بالكوفي في استقاماته وزواياه، ومن ذلك مثلا لوحة (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني).

إحاطة: وما رأيكم في معايير مسابقة خط المصحف الموريتاني؟

معايير المسابقة لم أطلع عليها، ولا أظنها أُعْلِنَتْ للعموم.. ولكني في حينها كنت قد نشرت تدوينة أوضحتُ فيها رأيي، بعدما وردتني الكثير من الطلبات من المعارف والأصدقاء، تدعوني للمشاركة في المسابقة.

والخلاصة أن ظروف الغربة تمنعني من المشاركة طبعا، لكني أقترح على المسؤولين عن المشروع أن يختاروا أحد خيارين: إما أن يكلفوا خطاطا واحدا ولكن يتم تفريغه للمشروع ويعطى الوقت الكافي، الذي لن يقل عن سنتين أو ثلاث سنوات. والخيار الثاني أن يعملوا بطريقة المصحف المسبَّع، التي عمل بها المغاربة، فيوزعوا المصحف بين عدة خطاطين، سبعة مثلا، مع الاتفاق على منهج موحد، وبذلك يتم تسريع العمل، ويكون فيه أيضا لمسات متنوعة من الخطوط، تمثل مختلف اتجاهات الوطن.

إحاطة: هل الخط الموريتاني في خطر؟

الخط الشنقيطي ليس في خطر، ولكنه في ظلام؛ لأنه أصلا لم يبرز للعيان بشكل مناسب، كحال الخط المغربي المجاور لنا.

وهذه مناسبة لأذكر شيئا عن تجربة مركز ابن مقلة للخط العربي، الذي أشترك مسؤوليته مع نخبة من الشباب الخطاطين في البلد، وهو أول مركز من نوعه، قام على جهود وطنية فردية، وقدم بعض الدورات، مما جعله يحصل على شكر وتزكية من الوزارة.. ولكن رغم مرور عدة سنوات، لم نجد أي دعم ذي بال من الجهات الرسمية، بل لا نكاد نجد من المسؤولين من يستوعب مفهوم “الخط العربي” وقيمته الحضارية.

هل التعليم عن بعد اليوم صالح للتحمل بنفس قوة المجالسة؟

كانت لي تجارب في هذا المجال، وما زالت.. وبناء عليها أقول: كلا! فتحصيل العلم لا بد فيه من النَّصَبِ والتَّعَبِ وبذل الوقت والجهد، وللمشافهة دور كبير وبركة عظيمة، خصوصا في تلقي العلوم الإسلامية..

لكن – كما قيل – ما لا يدرك كله لا يترك جله، وعليه فيمكن أن يكون هذا النوع من التعليم بمثابة الضرورة التي تقدّر بقدرها.. فيحصل به مستوى من الاستفادة، وإن كان أقل من المطلوب.

إحاطة: ماذا أضافت لكم الرحلة العلمية، قرآنيًا؟

الرحلة أضافت لي الكثير؛ فقد فتحت عيوني على الكثير من التجارب، وسمحت لي بعقد المقارنات بين ما عندنا وما عند الآخرين.. وفي الجانب القرآني أحيلكم إلى الجواب السابق عن السؤال المتعلق بالطريقة المشرقية في التلاوة.

إحاطة: لو استقبلت من أمرك ما استدبرت، من أين تبدأ رحلتك مع القرآن، وأين تنتهي بها حتى لا نقول أين تنهيها؟

الطريقة الموريتانية في تعليم القرآن، أراها جيدة جدا للحفظ.. ولكن ينقصها الاهتمام بالتجويد والنغم، مما يجعل أحدنا يضطر لتعلمه متأخرا، فيأخذ ذلك منه وقتا ليس بالقليل، بل إن البعض يسبب له ارتباكا قد يفقده بعض الحفظ.

وعليه فلست نادما على مسيرتي بحمد الله. لكن تمنيت لو كانت أتيحت فرصة تعلم “التحبير” وقواعد النغم في وقت متقدم.

إحاطة: حسب الحاضر والموروث، أي الحروف ظُلِمَ أكثر؟

لا يمكن هنا الجواب بشكل عمومي، لأن كل قطر من أقطار المسلمين له مشاكله الخاصة مع بعض الحروف أو الصفات..

وإذا كنت تقصد بلادنا بالتحديد، فجوابي قد يكون مفاجئا، لأن الحرف الذي ظُلم عندنا أكثر هو الهمز في نظري!

لماذا؟ لأن الهمز من أوضح الحروف وأسهلها، ومع ذلك لو تأملت لا تكاد تجد منا من يحققه في النطق، فالغالب أن يُنطَق ضعيفاً، وقد ترتب على ذلك خلل آخر كبير، وهو التسهيل بالهاء؛ ذلك أن القارئ ينطق الهمزة ضعيفة (وذلك هو التسهيل من دون أن يشعر)، ثم يبدأ في البحث عن تسهيل الهمزة، فلا يجد له طريقة سوى أن يذهب إلى الهاء.

إحاطة: الضاد الفصيح.. كُلٌّ يَدَّعِي وَصْلًا بليلى، يهمني رأي الدكتور؟

فعلا، موضوع الضاد مشكل جدا، حتى لقد رأيت العلامة المحقق غانم قدوري توقف في شأنها وطلب من القارئ أن يقرأ بما استطاع.

والذي أقتنع به أن أكثر نطقنا لها غير دقيق، ويبدو لي أن العراقيين والتوانسة أقرب الناس إلى الصواب فيها.. ومن المؤسف عندنا ما قرر بعضهم من نطقها ظاء، فهو أمر في غاية الغرابة.

إحاطة: لماذ الخلاف في نطق الجيم كان أشد في أرضنا منه في البلاد الأخرى؟

لأن البلاد الأخرى – أي في المشرق – لا يعرفون سوى الجيم الصحيحة، الشديدة، أما نحن فقد جاءتنا الجيم المتفشية ضمن التقاليد القرائية التي أخذناها عن المغاربة.. وظلت محل خلاف منذ ذلك الوقت كما هو معلوم.

ومن خلال احتكاكي بالقراء المغاربة المعاصرين، ألاحظ أن أغلبهم تحول إلى الجيم الشديدة.

وربما كان من أسباب حدة الخلاف فيها عندنا أيضاً، أن أصحاب الجيم الشديدة منهم من يبالغ في شِدَّتِها، دون مراعاة لما تتيحه القلقلة من تلطيف ومعالجة لتلك الشدة.

إحاطة: على أي قارئ من مشاهير القراء تضبط همزتك؟ ضادك؟ قافك؟ الصاد؟ وبقية الحروف؟

ضبط الحروف وتدقيقها في المخارج والصفات، أخذته أساساً من شيخنا العلامة أحمد كوري السالكي حفظه الله.. أما القراء فأستمع إليهم استئناساً، ولكن أكثرهم ضبطاً في نظري هو الحصري رحمه الله، في كل تلك الحروف وغيرها.

إحاطة: ما التحقيق عندكم في القراءة بالتحقيق؟

أمر الله تعالى بترتيل القرآن، ومن ذلك أُطلق على القراءة المنضبطة أنها “مُرَتّلة”، ولكن هذا الترتيل يكون على ثلاثة مراتب، من حيث السرعة، وكل مرتبة تناسب ظرفاً معيّناً.. ففي إمامة التراويح مثلا تكون قراءة الحَدْر هي الأنسب، وهي السريعة مع مراعاة الأحكام.. وفي قراءة الوِرْد اليومي يكون التدوير أولى وهو الدرجة الوسطى (وتعرف اليوم بالترتيل)، أما في قراءة التدبر وقراءة التعليم فمرتبة التحقيق أولى، وتعرف اليوم (بالقراءة المجوَّدَة).

يقول ابن الجزري:

ويقرأ القرآن بالتحقيق معْ ** حدرٍ وتدوير وكل متبَعْ

لكن يبدو لي أن كثيرا منا يستنكر قراءة التحقيق ويظنها تكلفاً، والأمر ليس كذلك، بل هي صحيحة ومطلوبة، ولكنا لم نتعود عليها، لأنها لا تَتَأَتَّى من دون إحكام النّغَم.

إحاطة: بمن تنصح من القراء والمقرئين؟

القراء المتقنون كثر والحمد لله، ولكن أيضا صار الجو مشحونا بهم وبغيرهم، ويصعب التمييز على غير المتخصص، ولعل “العظماء الخمسة” – كما يسميهم المصريون – يظلون في المقدمة، وهم: الحصري، والمنشاوي، وعبد الباسط، ومصطفى إسماعيل، ومحمود علي البنّا. ومن المعاصرين أذكر الشيخ رشيد علي صوفي، والشيخ شيخنا ولد سيدي الحاج.

إحاطة: رسالة للمتصدرين لتصحيح التلاوة في الإذاعة والتلفزيون؟

حقيقةً، لم أَطَّلِعْ على تسجيلات الإذاعة والتلفزيون بالقدر الكافي، فليس لي إلا توصيات عمومية، ليست انتقادية؛ ومنها: ضرورة التأني ثم التأني في التسجيلات، وأن لا يهملوا أي جزئية مهما كانت ضئيلة، لأن الأمر يتعلق بقدسية كلام الله العظيم.. قرأت في ترجمة الإمام الحصري أنه – وهو من هو – كان في حصة التسجيل إذا لاحظت اللجنة مجرد ضعف يسير في أداء “القفلة” عند الوقف، يضطر لإعادة الآية كاملة.

إحاطة: هل تقبل القول القائل بأن الفرنسية مثلا أضبط لإمالاتها من العربية، وما السبب إذا كنت توافق؟

لا أُتْقِنُ الفرنسية، لكن أعرف أن العربية قد خُدمت بما لم تخدم به أية لغة أخرى في الكون، نظرا لارتباطها بكتاب الله تعالى. ومن مظاهر تلك الخدمة أن علماء التجويد واللغة قد رصدوا كل مظهر صوتِيّ مهما دق وخفِي، فتوقفوا عند الإشمام بأنواعه، وعند القلقلة ودرجاتها.. ورصدوا أشكال نطق الألف، فجعلوها أربعة: مفخّمة، ثم مرققة طبيعية، ثم ممالة بالتقليل، ثم بالإضجاع أو الإمالة الكبرى. ولا أظن وراء هذا مزيدا من الدقة والتحقيق.

وعليه فالإمالة عندنا مضبوطة ومواضعها مدوّنة ومحققة. حتى في الرواية الواحدة رصدوا اختلافها، فعند ورش مثلا نجد الإمالة كلها بالتقليل ما عدا كلمة “طه” فهي بالكبرى.

إحاطة: ينكر علينا المشارقة إمالتنا الصغرى، ألا ترى أن لنا أن نستنكر الإمالة الكبرى عندهم؟

الإمالة عند كثير من قرائنا غير مدققة، حيث يستعملون الكبرى دائما في جميع المواضع، وهذا خطأ محض، كما أشرنا قبل قليل.. يقول ابن بري:

وكلُّ ما له به أتينا ** من الإمالة فبيْنَ بيْنَا

وقد روى الأزرقُ عنه المحْضا ** فيهَا بهَا “طه” وذاك أرضى

أما المشارقة فالإمالة عندهم قليلة، لأن حفصا لا يُميل سوى كلمة “مَجراها” في هود. ولكنهم إذا قرأوا للأخوين مثلا في “قراءة الجمهور” فهم يأتون بالإمالة الكبرى على وجهها.

إنما الذي ألاحظه شخصيا على بعض المشارقة، أنهم أحيانا يبالغون في الحذر من تفخيم الألف إلى درجة أن يميلوا بها إلى التقليل، وربما السبب في ذلك أنهم لا يقرأون بالتقليل كما هو عندنا في ورش.

إحاطة: أغلب البلدان لها أسانيد خاصة بالضاد المستطيلة الرخوة، هل كان في القطر أسانيد خاصة بها؟

الإسناد القرائي يؤخذ به القرآن كاملا، ولا ينص فيه على مخرج معين أو صفة معينة، بل الأصل فيه أن المجيز قد ارتضى أداء المجاز، في مختلف الحروف، ومنها الضاد بطبيعة الحال. ولذلك أستغرب ما صار يقوله بعض الناس من أنه لن يصحح الحرف الفلاني لأنه أخذ الإجازة به على وجه معين، فالإجازة ليست حجة في الاستمرار على الخطأ؛ لأن الكتب هي المرجع في النهاية، وقد دوّن فيها العلماء كل الصفات دقيقها وجليلها، فلا بد من الرجوع إليها والاعتماد عليها.

إحاطة: الغنة بين إفراط وتفريط.. أين نقف؟

هذه الثنائية إنما يقع فيها من لم يجد أستاذا يقوّم له، فمن المعلوم أن الغنة بمقدار حركتين، علماً أن مدة الحركة تتفاوت بقدر تفاوت مراتب القراءة الثلاث، والمهم أن يحصل تمهل كاف في نطق الغنة، فلا يمر عليها مثل بقية الحروف، وكذا لا ينبغي الإفراط فيها بالزيادة على حركتين، وهذا الإفراط ألاحظ أنه أكثر ما يكون عند من يقرأون بالنغم من غير تمكن، فعند تغيير الطبقة أو العُرَب الصوتية، يضطر أحدهم إلى إطالة الغنة، معتمدا عليها من أجل الخروج، وذلك قطعا خطأ مرفوض.

إحاطة: رأيكم في الفرجة، وما موقفكم منها؟

“الفرجة” – لمن لا يعرفها – يقصد بها كيفية نطق الإقلاب، هل يكون بإطباق الشفتين أو بتفريجها قليلا؟

والحقيقة أن هذه المعركة في المشرق قائمة على قدم وساق، تُذَكِّرُ بمعركة الضاد ونظائرها عندنا في عقود سالفة، وهي قريبة العهد، حيث ينسبها القائلون بها إلى المقرئ الكبير الشيخ عامر السيد عثمان، وينفيها عنه المنكرون لها.

وقبل أيام قليلة رأيت كتابا جديدا لأحد أنصار الفُرجة، مما يعني أنها ما زالت على أشدها.

والحقيقة أني أستغرب موقف القائلين بها، لأنه إذا كان الإقلاب هو قلب النون إلى ميم، والميم لا تتحقق إلا بإطباق الشفتين، فكيف نفرج الشفتين ونزعم أننا ننطق الميم؟ هذه مكابرة للمحسوس!

بماذا تنصح القراء الشباب؟

أنصحهم – وأنصح نفسي قبلهم – بإخلاص النية في خدمة  كتاب الله، والحذر من الرياء.. وأحضهم على نصائح الإمام الشاطبي الذي كاد يخصص مقدمة قصيدته كلها للنصائح، ومنها قوله:

بِنَفسِي مَنِ اسْتَهْدَىَ إلَى اللهِ وَحْدَهُ ** وَكانَ لَهُ الْقُرْآنُ شِرْباً وَمَغْسَلَا

وَطَابَتْ عَلَيْهِ أَرْضُهُ فَتفَتَّقَتْ ** بِكُلِّ عَبِيرٍ حِينَ أَصْبَحَ مُخْضَلَا

فَطُوْبَى لَهُ وَالشَّوْقُ يَبْعَثُ هَمُّهُ ** وَزَنْدُ الأَسَى يَهْتَاجُ فِي الْقَلْبِ مُشْعِلَا

هُوَ المُجْتَبَى يَغْدُو عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ ** قَرِيباً غَرِيباً مُسْتَمَالاً مُؤَمَّلَا

يَعُدُّ جَمِيعَ النَّاسِ مَوْلىً لأَنَّهُمْ ** عَلَى مَا قَضَاهُ اللهُ يُجْرُونَ أَفْعُلَا

يَرَى نَفْسَهُ بِالذَّمِّ أَوْلَى لأَنَّهَا ** عَلَى المَجْدِ لَمْ تَلْعقْ مِنَ الصَّبْرِ وَالْأَلَا

إحاطة: ماذا ينقص حافظ “امْحَنّي أَيْدُو” عن أن يكون قارئاً دوليّاً؟

ينقصه أن يحقق التجويد ويتخلص من “لحون القراء” الخاصة بمنطقته، ثم بعد ذلك أن يدرُس فن المقامات المشرقية نظريّا وتطبيقيّاً.

إحاطة: هل المسابقات الدولية منصفة لقرائنا غير المقلدين للمشارقة؟

كلا، ليست منصفة، ولكنه ليس أمرا مبيتاً عن سوء نية، بل هو راجع إلى جدلية المركز والأطراف، التي أشرت إليها آنفا. فالسيادة في المركز للطريقة المصرية والشامية. حضرتُ قبل أيام منافسات إحدى أهم مسابقات “فن الإنشاد” العربية، ورغم أن الفائز مغربيّ، فلم ينل اللقب إلا باختياره الطريقة المشرقية، أما الخليجي والسوداني فقد استبعدا لأنهما اختارا النمط المحلي.

وقل الشيء نفسه في مسابقات القرآن، مثل مسابقة “كتارا” الرمضانية.

إحاطة: متى نسمع بمسابقة محلية تكون على المستوى؟

أنا أطرح السؤال معكم، وأتعجب كيف نرى في موسم رمضان مسابقات في فنون مختلفة، ولا نرى من يفكر في مسابقة خاصة بالتجويد؟ ولا شك أنها ستكون أنسب لهذا الشهر المبارك من مسابقات “لِغْنَ” و”گبيظ الشركة”.

وقد كنت اقترحت قديما على بعض المسؤولين أن تكون المسابقة القرآنية من شقّين؛ أحدهما عن الحفظ، والثاني عن التجويد، ويقسم الشق الثاني إلى فرعين: أحدهما للنمط المشرقي، والثاني للنمط المحلي التقليدي.. وحينها سنكتشف كم عندنا من الطاقات والمواهب المهملة.

وحتى لو لم تقم الجهات الرسمية بالمبادرة، فيمكن أن تتولاها رابطة القراء أو حتى بعض المؤسسات الإعلامية الخاصة.

إحاطة: هل لكم علاقة أو تعاون مع رابطة القراء الموريتانيين؟

نظرا لظروف الاغتراب، فليست لي للأسف صلات مباشرة معهم، باستثناء بعض العلاقات على المستوى الفردي. وأسأل الله لهم التوفيق. وأرجو أن تتوسع الرابطة لتصير “رابطة القراء والمنشدين”، على غرار ما هو حاصل في أغلب الدول العربية. وأن تقوم بدورات لصالح القراء وهواة الإنشاد، وتستقدم لهم بعض المدربين من المشرق، لكي يتمكن بعض أبنائنا من المنافسة على المستوى العالمي.

إحاطة: هل أنت مرتاح لواقع القرآن في البلد ومستقبله؟

حقيقة لست مرتاحا، لأن كتاتيب تعليم القرآن في المدن صارت تتناقص، وخصوصا في العاصمة.. ولكن أرجو أن يكون المستقبل أفضل، خصوصا مع ظهور بعض التجارب التطويرية للمحظرة.

إحاطة: عادات قرآنية لا تود أن تختفي من الموريتانيين؟

أجمل عادة أتذكرها بحنين جارف، أن تسمع في هدأة السحر أصوات الشيوخ وهم يرتلون في قيام الليل بكل سكينة وخشوع. ومثلها في ذلك جلسة المعلم وهو يلقي على التلاميذ المتفرقين حوله لكتابة حصصهم اليومية، دون أن يرتبك أو يختلط عليه الأمر.

إحاطة: وعادات عند طلاب العلم وطلاب القرآن خاصة، تود أن تختفي؟

أمران: أحدهما: الانشغال ببعض الخلافات الجزئية من قبيل الهاء والضاد، مع إهمال القدر المتفق عليه بين القراء والمجودين.

وثانيهما: التقليد المتكلّف، خصوصا مع ضعف الأداء، فالمطلوب من كل قارئ أن تكون له شخصيته وبصمته، وذلك مضمون له بمجرد أن ينضبط بالقواعد السليمة، وقد قال ابن الجزري: (وَهَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَمَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مُجَوَّدًا مُصَحَّحًا كَمَا أُنْزِلَ تَلْتَذُّ الْأَسْمَاعُ بِتِلَاوَتِهِ، وَتَخْشَعُ الْقُلُوبُ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ، حَتَّى يَكَاد أَنْ يَسْلُبَ الْعُقُولَ وَيَأْخُذَ الْأَلْبَابَ؛ سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ اللَّهِ تَعَالَى يُودِعُهُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ).

إحاطة: من هو قارئكم المفضل؟

الشحات محمد أنور رحمه الله.

إحاطة: شكرا جزيلا لكم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى