مقالات

نفحات

خديم رسول الله بن زياد

سيدي ومولاي، ما لك من شبيه في سموّك، ولا من نظير في علوك..
لك من الله اصطفاء واجتباء، يا سماء ما طاولتها سماء..
عصم الله ذاتك الشريفة، وأفرغ فيها الكمال، والجمال، ولا والله ما أبصرت عين ولن تُبصر؛ طلعةً كطلعتك المكرّمة المشرّفة..
فصلاةٌ من الله وسلامٌ على عليائك المُحلّقة في سماوات المجد والكرم، المتفردة في عطائها وشمولها، المُرسلة رحمة للعالمين..
أنت الذي أعزّك ربُّنا، وأنت من بين الأنبياء حظُّنا، وأنت الهدى والنور، وعلى حُبّك تُطوى المُهج والصدور..
ألا ما أسعد الدنيا بك؛ لمّا أتيتها فتحا كبيرا، وما أيمن الذين آمنوا بك وصدّقوك، وأحبّوك وعزّروك ووقّروك..
لقد شهدوا وشاهدوا منك الدلائل والمعجزات، وارتقوا بك إلى أرفع الدرجات، ومنتهى الغايات، من جميع الخيرات..
حدّث أبو هريرة رضي الله عنه فقال: كان أهلُ الصُّفَّةِ أَضْيافَ أهلِ الإسلامِ، لا يَأْوونَ على أهلٍ ولا مالٍ، واللهِ الذي لا إلهَ إلَّا هو إنْ كنتُ لَأَعْتَمِدُ بكَبِدي على الأرضِ؛ مِنَ الجوعِ، وأَشُدُّ الحَجَرَ على بَطْني؛ مِنَ الجوعِ، ولقد قعَدْتُ يومًا على طريقِهِمُ الذي يخرُجونَ فيه، فمرَّ بي أبو بكرٍ، فسألْتُه عن آيةٍ مِن كتابِ اللهِ، ما أسألُه إلَّا ليُشْبِعَني، فمرَّ ولم يفعَلْ، ثمَّ مرَّ بي عمرُ، فسألْتُه عن آيةٍ مِن كتابِ اللهِ، ما أسألُه إلَّا ليُشْبِعَني، فمرَّ ولم يفعَلْ، ثمَّ مرَّ أبو القاسِمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فتبسَّمَ حينَ رآني، وقال: أبا هُريرةَ، قلتُ: لبَّيْكَ يا رسولَ اللهِ، قال: الْحَقْ، ومضى؛ فاتَّبَعْتُهُ، ودخَلَ منزلَه، فاستأذَنْتُ؛ فأذِنَ لي، فوجَدَ قَدَحًا مِن لبنٍ، فقال: مِن أينَ هذا اللَّبنُ لكم؟ قيل: أهداه لنا فلانٌ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أبا هُريرةَ، قلتُ: لبَّيْكَ. قال: الْحَقْ إلى أهلِ الصُّفَّةِ، فادْعُهم، وهُمْ أَضْيافُ أهلِ الإسلامِ، لا يَأْوونَ على أهلٍ ولا مالٍ، إذا أتَتْه الصَّدَقةُ بعَثَ بها إليهم، ولم يتناوَلْ منها شيئًا، وإذا أتَتْه هَديَّةٌ أرسَلَ إليهم، فأصابَ منها، وأَشْرَكَهم فيها، فساءَني ذلك، وقلتُ: ما هذا القَدَحُ بينَ أهلِ الصُّفَّةِ، وأنا رسولُه إليهم؛ فسيأمُرُني أنْ أُديرَه عليهم، فما عسى أنْ يُصيبَني منه؟ وقد كنتُ أرجو أنْ أُصيبَ منه ما يُغْنيني، ولم يكُنْ بُدٌّ مِن طاعةِ اللهِ، وطاعةِ رسولِهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ؛ فأتيْتُهم فدعَوْتُهم، فلمَّا دخلو عليه، فأخَذوا مجالِسَهم، قال: أبا هُريرةَ، خُذِ القَدَحَ فأَعْطِهم، فأخذتُ القَدَحَ، فجعلتُ أُناوِلُه الرَّجُلَ، فيشرَبُ حتَّى يَرْوَى، ثمَّ يرُدُّه، فأُناوِلُه الآخَرُ، حتَّى انتهيتُ به إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد رَوِيَ القَومُ كلُّهم، فأخَذَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القَدَحَ، فوضَعَه على يدِهِ، ثمَّ رفَعَ رأسَه، فتبسَّمَ، وقال: أبا هُريرةَ، اشرَبْ؛ فشرِبْتُ، ثمَّ قال: اشرَبْ؛ فلَمْ أزَلْ أشرَبُ ويقولُ: اشرَبْ، ثمَّ قلتُ: والذي بعَثَكَ بالحقِّ، ما أجِدُ له مَسْلَكًا؛ فأخَذَ القَدَحَ، فحمِدَ اللهَ، وسمَّى، ثمَّ شرِبَ. الترمذي.
يمينُ رسُولِ الله يُمْنٌ وإنَّما ** يسارُ رسُولِ الله ذاتُ العُلاَ يُسْرُ
وإنَّ ضياءً من مُحيّاهُ قادني ** إليهِ دليلاً حينَ حارَ بيَ الفِكْرُ
وصلّيتُ مُشتاقًا عليه مُسلِّما ** لينجحَ مقصُودي ويكتملَ الأمرُ
تدثّرتُ من أنوارِه مُتوسِّلاً ** فلا ضرّني ضُرٌّ و لا راعني ذُعْرُ
محمدُ من علياهُ فاضتْ مغانمٌ ** يُعانقُها فتحٌ ويصحبُها نصْرُ
وسحّتْ غوادٍ ما تزالُ مُرِبّةً ** وفي كُلِّ قُطْرٍ منهُ قدْ جادَهُ القَطْرُ
فرحمتُه من رحمةِ الله بابُها ** فسيحٌ ولا حدٌّ لديها ولا حصرُ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى