مقالات

نفحات

خديم رسول الله بن زياد

السلام العطر، والتحية الزكية، عليك يا سيدي يا رسول الله..
والصلاة الدائمة من الله وملائكته الكرام تترى عليك ما توالى الليل والنهار.
وفوق كل شفة وعلى كل لسان ترنيمة حُبّ، تصدح بالخفيّ من الهيام، وبالجليّ من الغرام..
يا سيّدنا المرتجى، وحبيبنا المرتضى، ونبينا المصطفى، ورسولنا المنتقى..
يا عزّنا بك، ويا فخرنا بهديك، ويا أُنسنا بقُربك، ويا نجاتنا بدينك، ويا علوّنا بمدحك!
هذا سيدنا عمر رضي الله عنه يشمُّ رائحتَك النبوية، في عمّك أبي الفضل عبّاس بن عبد المطلب رضي الله عنه وكان يُجلّه ويكرمه، فيضرع لله متوسلا بعدما عانى الناس من قحط شديد، ويستجيب الله الدعاء على يدي عمّك الذي قلتَ فيه: “احفظوني في العباس، فإنّه بقية آبائي، وإن عمّ الرجل صنو أبيه”. كما رواه ابن أبي شيبة.
وقلتَ فيه وكفى: “هذا العباس عمُّ نبيكم، أجود قريش كفّا، وأحناه عليها”، رواه الحاكم.
فما أبرك الاستمداد بك، وبسببك ونسبك، ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه أنّ عُمر بنَ الخطّاب، كان إذا قُحطُوا استسقى بالعبّاسِ بن عبدِ المُطَّلِبِ فقالَ: اللّهمَّ إنّا كُنّا نتوسّلُ إليك بنبيّنَا صلّى الله عليه وسلّم فتسقِينا، وإنّا نتوسّلُ إليك بعمّ نبِيّنَا فاسقنا قال: فيُسْقَوْنَ.
“قال في الفتح: وقد بيّن الزبير بنُ بكّار في “الأنساب” صفة ما دعا به العبّاس في هذه الواقعة، والوقتَ الذي وقع فيه ذلك، فأخرج بإسناد له أنّ العباس لمّا استسقى به عُمر قال: اللهم إنّه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يُكشف إلا بتوبة؛ وقد توجّه القوم بي إليك لِمَكاني من نبيّك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث. فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس.
وأخرج أيضا من طريق داود عن عطاء عن زيد بن أسلم عن بن عمر قال: استسقى عمرُ بن الخطّاب عام الرمادة (سمي العام بها لِما حصل من شدّة الجدب، فاغبرّت الأرض جدّا من عدم المطر) بالعبّاس بن عبد المطلب فذكر الحديث وفيه: فخطب الناسَ عمرُ، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعبّاس ما يرى الولدُ للوالد، فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمّه العباس، واتّخذوه وسيلة إلى الله.
وفيه فما برحوا حتى سقاهم الله.
ويُستفاد من قصّة العبّاس الاستشفاع بأهل الخير، والصلاح، وأهل بيت النبوة، وفيه فضل العبّاس، وفضل عمر لتواضعه للعباس ومعرفته بحقّه.
ما أعظمه من مشهد، وأما أحسنه من درس من خليفة عدل، وفاروق ملهم..
اللهم إنا نتوسل إليك بآل نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، أن تصلح منا الحال والمآل والعيال، وأن ترفع عنا المقت والغضب، والجهد والبلاء، وأن تجعلنا شاكرين لنعمك، مُثنين بها، قابلين لها، وأتمها علينا يا رب..
قال في “اللسان”: ودلَوتُ بفُلانٍ إِليكَ أَي استشْفَعتُ بهِ إِليك. قال عُمرُ لمّا استسقى بالعبّاس، رضيَ الله عنهما: اللّهمّ إنّا نتقرّبُ إليك بعمّ النبي، صلى الله عليه وسلّم، وقفيّة آبائه وكُبْر رجاله دلونا به إليك مُستشْفِعين؛ قال الهرويّ: معناهُ متَتْنا وتوسّلنا؛ قال ابنُ سيدَهْ: وأُرَى معْناهُ أَنهم توسّلُوا بالعبّاس إِلى رحمة الله وغياثه كما يُتوسّل بالدّلو إِلى الماء. قال ابنُ الأَثير: هو من الدَّلْوِ لأَنه يُتوَصّلُ به إِلى الماء، وقيل: أراد به أَقبلْنا وسُقْنَا، منَ الدّلوِ وهُو السّيرُ الرّفيقُ. وهو يُدلي برحِمِه أَي يمتُّ بها.
وفي ذلك يقول عباس بن عتبة بن أبي لهب:
بعمّي سقى الله الحجاز وأهله ** عشيةَ يستسقي بشيبته عمر
توجه بالعباس في الجدب راغبا ** إليه فما إن رام حتى أتى المطر
ومنا رسول الله فينا تراثه ** فهل فوق هذا للمُفاخر مُفتخر
فرضي الله عنكم يا آل بيت نبينا، فمنكم أشرق الدين على البريّة، وستبقى مآثركم شذيّة، خالدة سرمدية..
***
يا عترة الهادي سلمتمْ في الورى ** إفضالكمْ فينا كنهرٍ جار
في كل أرض تنزلون برحبها ** كنتمْ أدلّة سنّة المختار
أحييتموها بالفلاح وبالتقى ** وعوارفٍ ليست تمنُّ غزار
المجد مجدكمُ على طول المدى ** وأنا خديمكمُ من الأنصار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى