مقالات

في مهنة المتاعب (23)

محمدُّ سالم ابن جدُّ

خلال أيام معدودات من سنة 1993 رتبت مقابلة لجريدة الشعب مع رئيس محكمة الميناء، فضيلة القاضي أحمد الحسن ولد الشيخ حفظه الله (رئيس مجلس الفتوى والمظالم الآن) وحان موعد إجرائها وهو رئيس محكمة السبخة، ونشرت وهو رئيس محكمة تفرغ زينه! فلم يكن تحويل القضاة وقتها إلا كتحويل الأموال بالطرق الشعبية الآن.
أثناء انتظار فراغه للمقابلة شهدت في مكتبه جنديا طلق زوجه ثلاثا ثم عرج على من أشهدهم على أنه “لا يطلق زوجه” وقد بين له القاضي بأسلوب تربوي عبث فعله حين سأله: إذا أردت الاحتفاظ بذخيرتك هل تضع مانع الإطلاق بعد ضغط الزناد؟ فاعترف بأنه لا يجدي آنذاك، فقال له: كذلك الاسترعاء، إنما يفيد قبل الطلاق لا بعده!
آخر يبدو طرفا في نزاع زوجيٍّ طلب منه الشهود، فقال: هل أجيء بأبي؟ فقال القاضي بدعابة: أبوك يستطيع تزويجك، لكنه لا يشهد لك!
في المقابلة التي نشرت صباح الأربعاء 24 من رمضان 1413هـ (17 من مارس 1993م) أثرت معه إشكالات رأيتها مطروحة؛ منها إحالة القانون الموريتاني في العديد من الأمور إلى المذهب المالكي، وفي الأخير فروع غير مؤصلة.. أيحكم القاضي في مثل هذه الحالة بما صح شرعا فيخالف صريح القانون؟ أم يحكم بمقتضى القانون فيخطئ شرعا؟
ومنها الحكم بالعادة (في مجال اعتبارها) بعاصمة تمور بأقوام ذوي منطلقات وخلفيات شتى، من مجتمع في طور التحول، أيحكم القاضي بعادة ما قبل المدينة وقد صارت من الماضي؟ أم بعادة المدينة ولما تكتمل ملامحها؟
ومنها الحرج الذي يطرحه المُفتُونَ للقضاة، وكيف لا يُسْتَصدر نص يمنع الإفتاء فيما هو منشور أمام القضاء.. إلى غير ذلك.
في ختام المقابلة أطراني فضيلته بما لست أهلا له، وقال إنه يتمنى أن يكون هذا بداية انتباه إلى خطأ وتصحيحه؛ فهو يأخذ على الإعلام كونه يوفد إلى الملاعب شخصا ذا خلفية رياضية، لكنه لا يوفد إلى المحاكم شخصا ذا خلفية شرعية.
نشرت مأخذه على الإعلام (وهو وارد) واحتفظت لنفسي بما يخصني، مما لم أره أكثر من فأل أحسن عسى الله أن يحققه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى