الأخبار

خبراء: الاقتصاد الموريتاني استطاع الصمود وآفاقه مرتبطة بالحكامة الرشيدة

(إحاطة) أكد باحثون موريتانيون أن اقتصاد البلاد استطاع الصمود في وجه الأزمة الاقتصادية والصحية التي اجتاحت العالم خلال السنوات الثلاث المنصرمة، وما تزال  بعض آثارها قائمة.

وقال الخبراء، خلال ندوة نظمها مركز إفريقيا للدراسات، إن آفاق الاقتصاد الموريتاني واعدة، ولكن نتائجها الإيجابية مرتبطة بالحكامة الرشيدة، داعين إلى تطوير آليات التدبير الاقتصادي والتنموي في البلاد.

ورأى المحاضر في الندوة، الدكتور حمودي ولد عالي، أن الاقتصاد الموريتاني استطاع الصمود خلال السنوات الثلاث الماضية، التي شهدت متغيرات بالغة التأثير، مثل جائحة كورونا وما فرضته من إغلاق عالمي وتهديد للاقتصاديات الكبيرة، قبل أن يدخل العالم في أجواء حرب أوكرانيا وما أضافته من تعقيدات اقتصادية مؤلمة.

واستعرض الدكتور حمودي، في محاضرته، الاستيراتيجيات التنموية التي تعاقبت على البلاد، منذ الاستقلال، معتبرا أنها لم تول الاهتمام للقطاعات الإنتاجية الضامنة للأمن الغذائي والاستقلال الاقتصادي للبلاد.

واعتبر الدكتور حمودي أن الاقتصاد الاجتماعي بات الآن جزءا أساسيا من مقاربات النهوض الاجتماعية، مضيفا أن أداء النظام في هذا المجال كان جيدا، ومكن من الصمود أمام الهزة الاقتصادية العالمية، متحدثا عن الأداء الاجتماعي لوكالة تآزر والتأمين الصحي لمئات الآلاف من المواطنين، ودعم البضائع الأساسية إضافة إلى التوزيعات النقدية، وكذا الإطلاق النوعي للحملة الزراعية الخريفية، مضيفا أن كل هذه الإجراءات مكنت من تجاوز جائحة كورونا التي كان يمكن أن تعصف بالمواطنين بشكل عنيف لولا السياسة الاقتصادية التي اتبعها النظام لتخفيف وتيرتها.

ودعا ولد حمودي إلى نمط تسييري جديد يمكن من الاستفادة القصوى من الثروة، معتبرا أن التسيير الرشيد هو الأساس الذي سيمكن من نهضة اقتصادية نوعية، تظهر نتائجها على حياة المواطنين، وقوة الدولة ونماء اقتصادها.

وفي شق الآفاق الاقتصادية للبلاد تحدث الخبير في شؤون الطاقة المهندسة، أحمد ولد الخراشي، الذي قدم ورقة معطيات عن ثروة الغاز الموريتاني متوقفا عند حقل آحميم، الذي اعتبر أنه يتميز بعدة خصائص أبرزها:

– تقدم الأشغال فيه بنسبة تصل إلى 80%؛

– ارتفاع أسعار الغاز بعقوده الآجلة والعاجلة، حيث وصلت إلى 16 دولار للعقود الآجلة، و32 للعقود السريعة؛

– ضخامة الاستثمار المالي في هذا القطاع؛ إذ يصل إلى 3 مليارات دولار؛

– حجم الطاقة الاستيعابية الذي يصل إلى 4000 مليار متر مكعب من الغاز؛

– القرب من الشاطئ، حيث لا يبعد أكثر من 65 كلم عن الشاطئ.

ورأى ولد الخراشي أن المداخيل المباشرة لهذا الحقل قد تتراوح ما بين 15-19 مليار دولار خلال سنوات قليلة، وهو ما يمثل زيادة بقيمة 26% لآخر ميزانية أقرتها الحكومة.

وفيما يتعلق بالمداخيل غير المباشرة، قال المهندس الخرشي إنها متنوعة، وتشمل ضرائب الشركات، واليد العاملة والخدمات المتنوعة.

واعتبر المهندس الخراشي أن مستوى الشفافية في تعاطي الشركة البريطانية مع الجانب الموريتاني ارتفع منذ العام 2020 بعد سنوات من التعتيم الشديد، وفق تعبيره، مؤكدا أن الشركة أقامت منتديات جديدة للتعريف بمسارها وفرصها الاستثمارية وطبيعة الشراكة والخدمات التي تحتاجها وقد شارك في هذه المنتديات المتواصلة حوالي 55 مؤسسة.

واعتبر المهندس الخراشي أن كل المعطيات تؤكد تسارع العمل في المراحل الأولى والثانية والثالثة من حقل آحميم، وذلك بسبب المتغيرات الجديدة في سوق الطاقة الدولية.

وكشف المهندس الخراشي عن القيمة الكبيرة التي يمثلها حقل باندا، مضيفا أن موريتانيا وقعت تفاهما مع شركة أمريكية لبناء محطة للطاقة الغازية بسعة 12 ميغوات، وستحقق هذه المحطة بالإضافة إلى المحطة الحالية الاكتفاء التام للبلاد، وتفرض تصدير الفائض، وبالنسبة لحقل بير الله الغازي اعتبر المهندس الخراشي أن قيمته الأساسية تتعلق بكونه حقلا موريتانيا خالصا، وذا احتياط هائل.

ودعا المهندس الخراشي إلى نمط حكامة وتسيير جديد للثروة الغازية، متسائلا عن قدرة الفريق الحالي لقطاع الطاقة على مواكبة هذه الثروة، وتحقيق آمال الشعب، وإدارة علاقات إيجابية مع الشركات المستثمرة تضمن حقوق البلاد ورفاهية مواطنيها.

ودعا الخراشي إلى استثمار عائدات الغاز في الإنشاءات النوعية في الطرق وسكك الحديد والبنى التحتية المحققة للرفاهية والجاذبة للاستثمار.

وختم الخراشي دعوته بضرورة إنشاء صندوق وطني سيادي لمداخيل ثروة الغاز يضمن أن تكون مصدر رخاء للشعب، وحافزا للاقتصاد الوطني، ومطورا للقطاعات الإنتاجية الأخرى في الزراعة والتنمية الحيوانية والصيد البحري، بما يضمن توازنا اقتصاديا مهما، وحتى لا يتحول الغاز إلى وسيلة لتعميق الاختلالات الاقتصادية والشروخ الاجتماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى