ثقافة وفنون

«الذهب الموريتاني».. رواية إسبانية تبحث عن «ملك ثري» مدفون في موريتانيا

أحمد سالم ولد باب

تنضاف رواية “الذهب الموريتاني” للكاتب الإسباني ماريانو گامبين، الصادرة عن دار النشر “أوريستان وجوسيانو ناشرون” في سبتمبر الماضي، إلى أعمال أدبية وفنية غربية قليلة تحدثت عن موريتانيا، وهو أمر يثير السرور لدى كثيرين من أبناء البلد، الذي عانى كثيرا من تجاهل الأقارب قبل الأباعد!

وما برح هؤلاء يفخرون برائعة الكاتب الفرنسي “أنطوان دو سانت أكزوبيري” (أرض الرجال)، أما فيلم “الموريتاني” فما يزال الاحتفاء به مستمرا.

تسرد رواية “الذهب الموريتاني”، في 366 صفحة، قصةَ البروفيسور “هيريرو” أحد أعضاء بعثةٍ استكشافية أثرية، نظمها ملياردير كندي، من أجل البحث عن قبر الملك منسا موسى، ملك مالي الذي وصل نفوذه خلال القرن الرابع عشر الميلادي إلى موريتانيا، وأحد أغنى الرجال المعروفين في التاريخ!

صورة الملك الثري، التي تسيطر على خيال فريق البحث، مصدرُها المعلومات التي  تغصُّ بها الانترنت، عن ملك يَنْثُرُ الذهبَ كما يُنْثَرُ الرمل، فينشأُ انطباعٌ بأنّ قبره ليس سوى “قبر فرعونٍ” مليءٍ بالكنوز!

وهو انطباع أكده الأستاذ “دوبري”، أحد شخصيات الرواية، حين قال في حماس:

– لقد حددنا موقع القبر.. هل يمكنك أن تتخيل ما نحن على وشك العثور عليه؟!

لكن ما غاب عن أذهان علماء الآثار، الباحثين عن قبر الملك الإفريقي، أن وجود الملياردير سيثير جَشَعَ جماعة إرهابية ترى كَنْزَهَا في شخص التايكون (التاجر) الكندي نفسه!

وهنا تبدأ أحداث مثيرة!

زيارة الكاتب الإسباني لموريتانيا، قبل سنوات، أوحت إليه فكرةَ كتابةِ روايةٍ عن مكان لا يعرفه القارئ الإسباني كثيرا، هو موريتانيا.

يصف الكاتب موريتانيا بأنها “دولة تتوسع اقتصاديا باضطراد، ويحمل ماضيها العديدَ من المفاجآت، وتشتمل على عدد لا يحصى من المواقع الأثرية التي تعود لما قبل التاريخ، وتقع فيها عدة مدن تاريخية ارتبطت بطريق القوافل الشهير”.

درس الكاتب في السنوات الأخيرة اتصالات الأوروبيين مع قبائل السواحل الإفريقية الأقرب إلى جزر الكناري، ولفتت نظرَه قلعةُ “جزيرة آرغين”، التي صمدت حوالي ثلاثمائة عام في خليج الجزيرة، القريبة جدًا من مدينة نواذيبو الساحلية، وكانت نقطةَ اتصال مع القبائل الصنهاجية داخل البلاد.

دُمِّرَت القلعة بالكامل في القرن الثامن عشر ولم تنهض مرة أخرى، واليوم لا يكاد زائرُها يصدق أن أطلالها المنهارة كانت قلعةً على الطراز الأوروبي في يوم من الأيام!

أما أكثر ما أثار اهتمامَ الكاتب فهو محاولة البرتغاليين، الذين استوطنوا الجزيرة، إنشاءَ مصنع في مدينة “ودان”، إحدى مدن القوافل الرئيسة، وهي خطوة سعوا من ورائها إلى تحويل حركة القوافل التي تعبر الصحراء في اتجاه الجزيرة.

لم ينجح البرتغاليون، كما كان متوقعا، ولكن وجودهم في المنطقة ترك بصماته، حتى أن الطريق الرابط بين الساحل و”ودان” يسمى طريق البرتغاليين، ولا يزال حِصْنٌ منعزل، على بعد بضعة كيلومترات من “ودان”، يسمى “قلعة البرتغاليين”، على الرغم من أن احتمالَ تشييده من قِبَلِ الأوروبيين بعيد!

ويبدو أن الكاتب لم يُقَصِّرْ أيضا في الاطلاع على ما كُتِبَ في المراجع العربية عن فترة الملك منسا موسى، خاصة ما كتبه أبو عبيد البكري.

الكاتب ماريانو گامبين
الكاتب ماريانو گامبين

أسطورةُ ملك مالي “منسا موسى”، وأطلالُ القلاع البرتغالية، ومعضلة انعدام الأمن والاستقرار في دول الصحراء؛ ألهمت ماريانو گامبين لِيُبْدِعَ رواية تضج إثارة، وتتحوّل إلى “فيلم أكشن” في وسط الصحراء، وتنتهي في مكان رائع: “تاودني”.. أحد أكثر الأماكن غير الصالحة للسكن في العالم، حيث تسبب الحرارة والملح الجفاف السريع لجميع الكائنات الحية.. هناك وسط سباخ الملح، التي نَجَمَتْ منذ قرون، أُقيمت ثكنة لحراسة العدم، وسجن يدخل فيه السجناء السياسيون ولا يخرجون منه أبدا!

يختم الكاتب التعريف بروايته قائلا: “بهذه الرواية أعود إلى الصحراء الكبرى، التي لن أغيب عنها طويلا، رغم أنها ستستغرق بعض الوقت حتى تتعافى.. هناك مشاريع أخرى مثيرة ومبتكرة تلفت نظري وأتمنى أن تُسْعِدَ القراء”.

في إحدى حفلات توقيع الرواية
في إحدى حفلات توقيع الرواية

 

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى